Fatwas on Alcohol and Drugs
فتاوى الخمر والمخدرات
پژوهشگر
أبو المجد أحمد حرك
ناشر
دار البشير والكوثر للطباعة والنشر
القول في سائر المحرمات على ما دل عليه الحديث الصحيح: (إن الله لم يجعل شفاءكم في حرام) (١٠) ثم ماذا تريد بهذا؟ أتريد أن الله لم يخلق فيها قوة طبيعية من السخونة وغيرها؟ جرت العادة في الكفار والفساق أنه يندفع بها بعض الأدواء الباردة (١١). كسائر القوى والطبائع التي أودعها جميع الأدوية من الأجسام. أم تريد شيئاً آخر؟ فإن أردت الأول فهو باطل بالقضايا المجربة التي تواطأت عليها الأمم، وجرت عند كثير من الناس مجرى الضروريات. بل هو رد لما يشاهد ويعاين. بل قد قيل: إنه رد للقرآن، لقوله تعالى: ((قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس)) (١٢) ولعل هذا في الخمر أظهر من جميع المقالات المعلومة من طيب الأبدان.
وإن أردت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنها داء للنفوس والقلوب والعقول، وهي أم الخبائث، والنفس والقلب هو الملك المطلوب صلاحه وكماله، وإنما البدن آلة له، وهو تابع له مطيع له طاعة الملائكة ربها، فإذا صلح القلب صلح البدن كله، وإذا فسد القلب فسد البدن كله، فالخمر هي داء ومرض للقلب مفسد له، مضعضع لأفضل خواصه الذي هو العقل والعلم، وإذا فسد القلب فسد البدن كله، كما جاءت به السنة، فتصير داء للبدن من هذا الوجه بواسطة كونها داء للقلب. وكذلك جميع الأموال المغصوبة والمسروقة فإنه ربما صلح عليها البدن ونبت وسمن لكن يفسد عليها القلب فيفسد البدن بفساده.
وأما المصلحة: التي فيها فإنها منفعة للبدن فقط، ونفعها متاع قليل، فهي إن أصلحت شيئاً يسيراً فهي في جنب ما تفسده كلا إصلاح. وهذا بعينه معنى قوله تعالى: (فيهما إثم كبير ومنافع للناس، وإثمهما أكبر من نفعهما) (١٣) فهذا لعمرى شأن جميع المحرمات، فإن فيهما من القوة الخبيثة
(١٠) رواه ابن حبان في صحيحه.
(١١) إشارة من المحقق إلى وجود ثقب في الأصل.
(١٢) جزء من الآية ٢١٩ من سورة البقرة.
(١٣) جزء من نفس الآية السابقة.
51