147

Fatwas on Alcohol and Drugs

فتاوى الخمر والمخدرات

ویرایشگر

أبو المجد أحمد حرك

ناشر

دار البشير والكوثر للطباعة والنشر

ورسوله، فإن الشفاء ليس في سبب معين يوجبه في العادة، كما للشبع سبب معين يوجبه في العادة، إذ من الناس من يشفيه الله بلا دواء، ومنهم من يشفيه الله بالأدوية الجثمانية، حلالها وحرامها، وقد يستعمل فلا يحصل الشفاء لفوات شرط، أو لوجود مانع، وهذا بخلاف الأكل فإنه سبب للشبع. ولهذا أباح الله للمضطر الخبائث أن يأكلها عند الاضطرار إليها في المخمصة، فإن الجوع يزول بها، ولا يزول بغيرها، بل يموت أو يمرض من الجوع، فلما تعينت طريقا إلى المقصود أباحها الله، بخلاف الأدوية الخبيثة.

بل قد قيل: من استشفى بالأدوية الخبيثة كان دليلا على مرض في قلبه، وذلك في إيمانه، فإنه لو كان من أمة محمد المؤمنين لما جعل الله شفاءه فيما حرم عليه، ولهذا إذا اضطر إلى الميتة ونحوها وجب عليه الأكل في المشهور من مذاهب الأئمة الأربعة، وأما التداوي فلا يجب عند أكثر العلماء بالحلال، وتنازعوا: هل الأفضل فعله؟ أو تركه على طريق التوكل؟.

ومما يبين ذلك أن الله لما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير، وغيرهما، لم يبح ذلك إلا لمن اضطر إليها غير باغ ولا عاد، وفي آية أخرى: (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) (١٩) ومعلوم أن المتداوي غير مضطر إليها، فعلم أنها لم تحل له.

وأما ما أبيح للحاجة لا لمجرد الضرورة: كلباس الحرير. فقد ثبت في الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للزبير (٢٠) وعبد الرحمن

(١٩) جزء من الآية ٣ من سورة المائدة.

(٢٠) هو أبو عبد الله: الزبير بن العوام بن: خويلد الأسدي القرشي (٣٨ ق هـ - ٣٦ هـ): الصحابي الشجاع، أول من سل سيفه في الإسلام، أحد المبشرين بالجنة، وهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم، أسلم صبيا عمره ١٢ سنة، شهد بدرا وأحدا وغيرهما. وقتل غيلة يوم الجمل بوادي السباع قرب البصرة. له ٣٨ حديثا.

147