فقال: «أنه كان عازما على المجيء معي ولكنه رأى من اللياقة أن يقابل ملك غسان قبلا ولو كان سيدي العم هنا لانفذنا إلى والدي فيحضر حالا».
فقالت: «جعل الله نذركم مقبولا هل قصصت شعرك يا ولدي؟»
قال: «نعم». قالت: «وهل سمعت الحكاية». قال: «نعم سمعتها». وحدثته نفسه أن يبيح بها فتذكر تحذير عبد الله فأمسك ولكنه رأى سكوته عنها بالمرة تحقيرا للسائل.
أما سعدى فلم تزد على هذا السؤال تأدبا فلما لم يجبها غيرت الحديث وسألته إذا كان يسره الخروج إلى الحديقة وهو يود ذلك لعلمه أنه قد يخلو هناك بهند فيتعاتبان أو يتغازلان.
فخرجوا من باب خصوصي صغير وتخلفت سعدى في القصر توصي قيمة القصر بإعداد الغداء.
فمشى حماد وهند في طرقات الحديقة حتى انحدرا إلى ضفة الغدير وماؤه يجري على حصباء تتلألأ تحته كأنها الدر وقد فاحت روائح الأزهار وغلبت عليها رائحة زهر اللوز وزهر البرتقال وعلت ضوضاء الأطيار وحفيف الأشجار ولو كان لنا فوتوغراف أديسن أو أشعة رونتجن لرأينا قلبي هذين المحبين يتناجيان ويتفاهمان.
أما هند فما صدقت أنها خلت بحماد حتى نظرت إليه شذرا وهي تبتسم وعيناها مشرقتان تتلألآن وقالت: «ما الذي دعاك إلى التعجيل في زيارتنا أما كان الأدل على شوقك أن تبقي زيارتك إلى عيد الفصح»!
فأدرك مرادها فأحب أن يعبث بها فقال: «تركنا يوم الفصح لمقابلة والدك بشأن الإكليل أم ترين تأجيل ذلك إلى الأحد الجديد».
فخجلت وأطرقت وقد توردت وجنتاها فازداد إشراق وجهها وقالت: «لو عرفت أنك تجيبني بمثل ذلك ما أقدمت على سؤالك».
قال وقد أعجبه خجلها وازداد هيامه بها: «لم أكن أظن ذكر الاقتران يسوءك ونحن إنما نسعى جهدنا في الحصول عليه». قال ذلك ونظر إليها كأنه ينتظر جوابها. أما هي فحولت وجهها عنه وخطوت نحو شجرة من البرتقال تقطف زهرة تتلاهى بشمها عن سماع كلامه.
صفحه نامشخص