وسارت سعدى إلى الخدم فأمرتهم بإعداد الطعام ثم خرج جبلة إلى الحديقة متظاهرا بالبحث عن هند فلما لاقاها قبلها وسلم عليها وهو يهش لها وعلامات الانبساط بادية على وجهه فتوسمت بذلك خيرا فمشت معه وهو يسألها عن صحتها وحالها ويحادثها بشؤون مختلفة إلا الاقتران فانه لم يذكره قط. أما هي فقد منعها الحياء عن ذكره.
فبعد أن تناول جبلة الطعام ودع امرأته وابنته وعاد إلى البلقاء ولم يكد يخرج من الحديقة حتى أسرعت هند إلى والدتها تستطلعها الخبر.
فأجابتها وهي تبتسم قائلة: «أبشرك ببقاء والدك على عزمه فقد رد الحارث وابنه وقبل بحماد كما قلت لك ولكنه يرى وأرى أنا أيضا أن نقترح عليه عملا يسد ما يتقوله الناس من غموض أصله وفصله. فانه كما لا يخفى عليك بطل باسل لا يرى الواشي سبيلا إلى الطعن فيه إلا من جهة نسبه فإذا عمل عملا تفرد هو فيه كان ذلك داعيا إلى رفع منزلته وسكوت الناس عن الطعن في أصله.»
وكانت هند قد سمعت مثل ذلك من والدتها قبلا فقالت: «إن ذلك يا أماه مما يوجب لي الفخر أيضا وأعلم أن حمادا لا يتوقف في سبيل هند عن عمل يستطيعه الناس فهل قر رأيكما على أقتراح تقترحا به عليه.»
قالت: «لقد رأيت أن يكون في إقتراحنا ما يزين به رأسك فضلا عن شرفك.»
قالت: «وما هو.»
قالت: «رأينا أن نطلب إليه الإتيان بقرطي مارية من الكعبة.» وأحكت لها حكايتها.
فبهتت هند برهة وقد هالها ذلك الاقتراح ولكن انفتها منعتها من اكباره فقالت: «لا أظن حمادا إلا فاعلا ذلك بإذن الله.»
قالت: «هلم بنا نستقدمه ونعرض عليه الأمر.»
فلما سمعت باستقدامه رقص قلبها فرحا بلقياه وقالت: «استقدميه والإتكال على الله.» قالت ذلك وقد شغلها الفرح بقرب مشاهدته عن تقدير تلك المهمة حق قدرها.
صفحه نامشخص