قال: «نعم هو هناك وقد أسفت لهذه الحال التي ستحول بيننا وبين الاحتفال بزواجه ببنتنا هند.»
فقال جبله (وقد سر بهذا العذر): «بالحقيقة انه موجب للأسف على أني لا أرى مانعا من تأجيل الاقتران إلى ما بعد الحرب فان فرحنا إذ ذاك يكون مزدوجا والاثنان ولدانا والأمر معقود لهما منذ ولدا.»
فابتسم الحارث فرحا لما ناله من تأجيل الاقتران عفوا فقال لجبلة: «بورك فيك فقد كنت أميل إلى ذلك واستحسنه وأخشى إذا ذكرته لك أن تظن سوءا فنشكر الله على توارد رأيينا ولا بد من أن يكون ذلك هو الصواب.»
فقال جبلة: «نعم انه الرأي الصواب وسأسير إلى صرح الغدير فأرى سعدى وأنبئها بما تم عليه الأمر لئلا تكون مشتغلة في الاستعداد بعد أن خاطبتها في التعجيل على أثر تعجيلك فلا بد من إبلاغها خبر التأجيل ولا أحب أن يكون ذلك على يد احد سواي.» (وهو إنما يريد المسير بنفسه للمداولة بشأن المهمة التي يريد إرسال حماد فيها)
فقال الحارث: «افعل ما بدا لك وفقنا الله بما فيه الخير.» ثم خرجا وسأل جبلة عمن سار لتفقد حركات الأعداء فقالوا: «إنه جاء» فاستقدمه وعاد به والحارث معهما إلى مكان منفرد وكان الرسول ممن خالط الحجازيين وأحسن تقليدهم فاختاره جبلة ليختلط بهم ويستطلع حالهم فأنبأهما بأنهم قاموا من عمان وساروا يريدون مؤته عند الكرك وأنهم سيصلونها قريبا.
فقال الحارث: «أتظنهم يصلون الينا.»
قال جبلة: «ربما فعلوا ذلك.» ثم تحول نحو الرسول فقال له: «وهل عرفت عددهم وقواتهم» قال: «أظنهم لا يتجاوزون ثلاثة آلاف مقاتل وليس معهم من العدة والسلاح إلا شيء قليل لا يقاس بعدة رجالنا وأسلحتهم.»
فضحك الحارث مستهزئا وقال: «أثلاثة آلاف فارس جاؤوا من اقاصي الحجاز ليحاربوا الروم وجنودنا تتجاوز مئة الف ومعها الخيول والسلاح.»
فقال الرسول: «وقد علمت أنهم أدركوا ضعفهم وقلتهم وربما وقفوا هنيهة ريثما يستقدمون مددا لهم من الحجاز.»
فقال الحارث: «أعلمت أنهم بعثوا يستقدمون المدد.»
صفحه نامشخص