فصل في تاريخ الثورة العرابية
فصل في تاريخ الثورة العرابية
ژانرها
وذكر برودلي كيف أمده الشيخ محمد عبده بمعلومات عن الأيام الأولى للحركة القومية «ووصف وصفا حيا كيف أصبح عرابي بطل مصر الذائع الصيت، وكيف أن آلافا من المصريين سموا أبناءهم باسمه وكيف ذهب اسم توفيق من الأرض».
عرابي في المنفى
قضى عرابي في جزيرة سرنديب تسعة عشر عاما، وكانت هذه الجزيرة ملكا للإنجليز منذ سنة 1785 وكانت ملحقة بمدارس، ثم جعلوا منها مستعمرة قائمة بذاتها سنة 1801، ومن سكانها الأصليين قبائل السنهاليز، وأصلهم من الهنود من حوض نهر الكنج وديانتهم البوذية، ثم قبائل التامل وقد نزحوا إليها من جنوب الهند وديانتهم الهندوكية، وكان بالجزيرة نحو ربع مليون من المسلمين من أصل عربي ومن أصل هندي، وهم من أزكى سكانها وأكثرهم نشاطا. وعاصمة هذه الجزيرة كولومبو. ومناخ الجزيرة استوائي لكن البحر يلطف حرارتها.
ولقد رحب سكان الجزيرة وبخاصة المسلمين منهم بعرابي وأصحابه ترحيبا عظيما وأولموا لهم الولائم، وظلوا على مودتهم وولائهم له طول مدة إقامته. وقد جعلت الحكومة المصرية لعرابي معاشا مقداره خمسون جنيها كل شهر.
وكان عرابي وأصحابه يقضون أوقاتهم في القراءة والكتابة وتعلم اللغة الإنجليزية، وقد زاره في الجزيرة صديقه المستر بلنت سنة 1883.
وفي سنة 1884 وردت إلى عرابي بكولومبو رسالة خطيرة من المستر بلنت، ذكر فيها بلنت أن الحكومة الإنجليزية تفكر في تعيين عرابي سفيرا مؤقتا إلى المهدي لرفع الحصار عن غوردون. وأن النية متجهة إلى إعادة إسماعيل إلى مصر على أن يكون عرابي رئيسا لوزارته باعتباره زعيم مصر المختار، وطلب بلنت رأي عرابي فأبرق إليه عرابي أنه يرفض ذلك وأنه يؤثر المنفى على مثل هذه العودة؛ لأنه لا يستطيع أن يعمل مع إسماعيل. وقد أدى مقتل غوردون إلى الانصراف عن هذا.
وأصبح لعرابي مكانة عظيمة بين سكان الجزيرة والجزر المجاورة. وقد سارع المسلمون إلى استيراد الطرابيش من الخارج، ولبسوها أسوة به وبأصحابه.
غاب عرابي عن مصر هذه الأعوام الطويلة، فعمل الاحتلال على مد جذور وبسط فروعه على الرغم من وعود الإنجليز المتكررة بالجلاء. ولم تكد تمضي خمسة أشهر على دخول الإنجليز مصر حتى تمت لهم السيطرة على الجيش والشرطة، فقد حل توفيق الجيش بجرة قلم كما ذكرنا، وأحل محله جيشا جديدا تحت رياسة سردار إنجليزي. وأما الشرطة فقد عين لهم رئيس عام من البريطانيين كان له الإشراف التام عليهم.
عرابي في سرنديب بين اثنين من أنجاله.
وسيطر الإنجليز على الشئون المالية، وذلك بأن ألغوا الرقابة الثنائية، وعينوا مستشارا عاما ماليا إنجليزيا في أوائل سنة 1883 لا يبرم أمر يتصل بالمال إلا بإذنه.
صفحه نامشخص