فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب
فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب
ژانرها
(ولا تكثر الضحك) بفتح وكسر وهو كيفية يحصل منها انبساط في القلب مما يعجب الإنسان من السرور ويظهر ذلك في الوجه والإكثار منه مضر بالقلب منهي عنه شرعًا وهو من فعل السفهاء والأراذل مورث للأمراض النفسانية ولذا قال (فإن كثرة الضحك تميت القلب) أي تصيره مغمورًا في الظلمات بمنزلة الميت الذي لا ينفع نفسه بنافعة ولا يدفع عنها شيئًا من مكروه وحياته وإشراقه مادة كل خير وموته وظلمته مادة كل شر وبحياته تكون قوته وسمعه وبصره وتصور المعلومات وحقائقها على ما هي عليه ولهذا قال لقمان [ص ١٢٥] لابنه يا بني لا تكثر الضحك من غير عجب ولا تمشي من غير أرب ولا تسأل عما لا يعنيك ولا تضيع مالك وتصلح مال غيرك فإن مالك ما قدمت ومال غيرك ما أخرت وقال موسى للخضر: أوصني فقال: كن بسامًا ولا تكن غضابًا وكن نفاعًا ولا تكن ضرارًا وانزع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة ولا تضحك من غير عجب ولا تعير الخطائين بخطاياهم وابك على خطيئتك يا ابن عمران وفي صحف موسى عجبًا لمن أيقن بالنار كيف يضحك عجبًا لمن أيقن بالموت كيف يفرح عجبًا لمن أيقن بالقدر كيف ينصب عجبًا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها وفي الحديث إيذان بالإذن في قليل الضحك لا سيما لمصلحته.
ولهذا ما كان النبي ﷺ يضحك إنما كان يبتسم
(حديث عائشة في الصحيحين) قالت ما رأيت رسول الله ﷺ ضاحكًا حتى أرى لهواته إنما كان يبتسم.
(حديث جرير ابن عبد الله في الصحيحين) قال ما رآني رسول الله ﷺ منذ أن أسلمت إلا تبسم في وجهي.
(حديث أبي ذر ﵁ الثابت في صحيح الترمذي) أن النبي ﷺ قال: تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة.
النهي عن المزاح كذبًا ليضحك به القوم:
وقد حذر النبي من المزاح كذبًا ليضحك به القوم كما في الحديث الآتي:
(حديث معاوية ابن حيدة في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي ﷺ قال: ويلٌ للذي يُحَدِّثُ فيكذبُ ليضحك به القوم ويلٌ له ويلٌ له.
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.
(ويل للذي يحدث فيكذب) في حديثه
1 / 229