وقد نزل الأمير عند رغبة الشيخ وتعهد بالتزام الشروط التي طلبها.
لكن الشيخ كان يتمنى أن يخل الأمير بشرط حتى يتخلص من هذا المنصب الذي قَبِله على مضض، ولم يكن يخفي تبرمه وضيق صدره، فمما نظمه مُعبرًا عن ذلك قوله:
قد عَدَلْنا وما عَدَلْنا بغَيٍّ ... وحكَمْنا بأمرِ ربِّ السماءِ
فشكا الناسُ حُكمَنا ولَعمري ... قلَّ مَن يرتضي بحكمِ القضاءِ
وقوله:
رماني زماني بما يجهدُ ... فمن ذا أرومُ ومن أقصدُ
وأوقفني في القضاءِ القضا ... وما كنتُ أحسبه يوجدُ
وظيفةُ كرْبٍ، لأثقالها ... تراني لموتي الرَّدَى أحمدُ
وحسبي انقلابُ صديقي بها ... عدوًّا، إذا فاته المقصدُ
فباطنها الذُّلّ والابتلا ... وظاهرها العزُّ والسُّؤددُ
وإذ ليس دأبي ولا ديدني ... ولا أرتضيه، ولا أعمدُ
وصعبٌ على المرء تكليفُهُ ... أمورًا خلاف الذي يَعْهَدُ
ولم تلق هذه المنظومات لدى الأمير أذن صاغية، مما اضطر الشيخ أن يوجه للأمير قصيدة مطولة ضمَّنها رجاءه بإلحاح لِإعفائه من هذا المنصب، واصفًا نفسه بالظلم وعدم الأهلية لتولي هذا المنصب، فمما قاله فيها:
_________
= إلى السلطان الملك الناصر فرج بن برقوق من سلاطين المماليك الجركسية، ولي الحكم بمصر بعد أبيه سنة ٨٠١ هـ، ثم عزل سنة ٨٠٨ هـ، ثم أعيد إليه وانتهى به الأمر أن قتل سنة ٨١٥ هـ.
1 / 14