قال: اعمليها كبة، الدجاج أطيب. فأجابت: عال! عال! ما سمعنا بكبة الدجاج إلا منك. والتفتت إلينا قائلة: أبوكم معلم ماهر في الطبخ.
فصرف على أسنانه، وكاد يتناولها بضربة لو لم تتقيها بالابتسام، فاكتفى بقوله: يقصف عمرك، ما أبلدك!
كان موقف الوالد حرجا، فهو بين نارين: نار ينفخ بها حديث الوالدة وتقريعها له، ونار تضرمها ثورة المدقات. كان - رحمه الله - يحب الطيبات جميعها، ويتهافت عليها، ثم يحرم نفسه إذا اعترضت عناده وجبروته، فشك غير قليل، ثم قال: يا أولاد، بنفسكم أكل اللحم؟ وما أمهلنا حتى نجيب، فقال: على رأسي، الحقني يا صبي. وسرت خلفه على طريق القبو، فأخرج الثنية السكا
9
وذبحها. وما درت الوالدة بالكارثة حتى ولولت ودعت على أيدي الرجال بالكسر، من آدم حتى حنا.
المناحة قائمة، والوالد كما يقول المثل: يا جبل ما يهزك ريح، يسلخ ضحيته مستضحكا. تارة يصرخ بي: شد يا صبي. وطورا يقول نكاية بها على مسمع: تسلم يمينك يا أم مارون. هذا لحم يشبع ويلذ، لا أكل لحم عنزة مهورة، تقبر ذقن صاحبها.
تعجب الجيران، كيف ذبح أبو مارون السكا، ولكن العجب زال حين تذكروا أنها ثنية مدللة تحبها أم مارون ولا تردها عن شيء. فدى عيني السكا خلية البرغل والطحين ومعجن الخبز، وكل ما في البيت من زبيب وتين، وأبو مارون يرى ورقة التوت تسوي خروف البيعة، ناهيك أنه مشهور بالعناد والمشاكسة.
ولما سئل عن الجناية العظمى، أي ذبح السكاء، أجاب: حلفت بالله ألا أقتني معزى، ليس عند المرأة عقبة. إذا رعت عنزتها شارب زوجها كان ذلك على قلبها أحلى من العسل، ويا ليتها ترعى الشارب الثاني. وقد بر بيمينه، فما معت
10
إحدى بنات هذا الجنس عند بابه فيما بعد ...
صفحه نامشخص