مقدمة المؤلف الحمد لله مظهر الحق ومبديه، ومدحض الباطل ومدجيه، ومسدد الصواب ومسديه، ومشيد بنائه ومعليه، أحمده مجتهدا ولا أصل إلى الواجب فيه، وأثني وما قدر ثنائي حسب ما يفيضه (1) علي ويوليه، والصلاة على رسوله محمد (2) النبي، وعلى آله المقتدين بهديه فيما يذره ويهديه (3).
وبعد: فإن بعض من يجب حقه علي من الصدور الأماجد، والأعيان الأفاضل، طلب مني ذكر ما ورد من الآثار الدالة على موضع مضجع أمير المؤمنين (عليه السلام)، وان أذكر ذلك مستوفي الحدود تام الأقسام، فكتبت ما وصل إليه الجهد وصدق بسطره الوعد، مظهرا ذلك من دائرة غضون (4) الدفاتر، مع ضيق الوقت وتعب الخاطر، مع أن الوارد من ذلك في الكتب شتيت (5) الشمل مجهول المحل.
ولكني اجتهدت غاية الاجتهاد، ولم آل جهدا (6) بحيث أصل إلى طابقة المراد، ومن الله تعالى اسأل عناية عاصمة من الزلل، حاسمة مواد الخطأ والخطل
صفحه ۳۵
بمنه، ورتبت الكتاب على مقدمتين وخمسة عشر بابا.
المقدمة الأولى: في الدليل على أنه (عليه السلام) في الغري حسب ما يوجبه النظر.
المقدمة الثانية: في السبب الموجب لاخفاء ضريحه (عليه السلام).
وأما الأبواب فهي بهذه:
الباب الأول: في ما ورد عن رسول الله (عليه السلام).
الباب الثاني: فيما ورد في ذلك عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
الباب الثالث: فيما ورد عن الحسن والحسين (عليهما السلام).
الباب الرابع: فيما ورد عن زين العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام).
الباب الخامس: فيما ورد عن محمد بن علي الباقر (عليه السلام).
الباب السادس: فيما ورد عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام).
الباب السابع: فيما ورد عن موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام).
الباب الثامن: فيما ورد عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام).
الباب التاسع: فيما ورد عن محمد بن علي الجواد (عليه السلام).
الباب العاشر: فيما ورد عن علي بن محمد الهادي (عليه السلام).
الباب الحادي عشر: فيما ورد عن الحسن بن علي العسكري (عليه السلام).
الباب الثاني عشر: فيما ورد عن زيد بن علي الشهيد.
الباب الثالث عشر: فيما ورد عن الخليفة المنصور والرشيد بن المهدي.
في ذلك، ومن زاره من الخلفاء من بعده حسب ما وقع إلينا.
الباب الرابع عشر: فيما ورد عن جماعة من بني هاشم وغيرهم من العلماء والفضلاء.
الباب الخامس عشر: فيما ظهر عند هذا الضريح المقدس مما هو كالبرهان على المنكر من الكرامات.
صفحه ۳۶
المقدمة الأولى في الدليل على أنه (عليه السلام) في الغري حسب ما يوجبه النظر الذي يدل على ذلك اطباق المنتمين إلى ولا أهل البيت:، ويرون ذلك خلفا عن سلف، وهم ممن يستحيل حصرهم أو التطرق عليهم المواطأة والافتعال، وهذه قضية التواتر التي يحكم عندها بالعلم، وان ذلك ثبت عندهم حسب ما دلهم عليه الأئمة الطاهرون الذين هم عمدتنا في الأحكام الشرعية، والأمور (1) الدينية. ولا فرق بين ذلك وبين قضية شرعية قد تلقيناها بالقبول من جهتهم: بمثل هذا الطريق.
ومهما قال مخالفونا في هذه المقالة من ثبوت معجزات النبي (عليه السلام) (2) وانها معلومة له، فهو جوابنا في هذا الموضع (حذو النعل بالنعل) (3)، (والقذة بالقذة) (4)، ولا يقال لو كان الامر كما تقولون لحصل العلم عندنا مثل (5) ما هو عندكم، لأنا نقول: لا خلاف بيننا وبينكم انه (عليه السلام) دفن سرا، وحينئذ أهل بيته (اعلم
صفحه ۳۷
بسره) (1) من غيرهم، والتواتر الذي حصل لنا منهم مما دلوا عليه وأشاروا ببنان البيان إليه، ولو كان الامر كما يزعم مخالفونا لتطرق إليهم اللوم من وجه آخر وذلك إذا كان عندهم انه (2) مدفون في قصر الامارة، أو في رحبة مسجد الكوفة، أو بالبقيع، أو في (كوخ زادوه) (3).
كان يتعين ان يزوره فيها أو في واحد منها، ومن المعلوم ان هذه الأقاويل ليست لواحد، فكان كل قائل بواحد منها على انفراده يزور أمير المؤمنين (عليه السلام) من (4) ذلك الموضع كما يزور معروف الكرخي (5)، والجنيد (6)، والسري
صفحه ۳۸
السقطي (1)، وأبا بكر الشبلي (2)، وغيرهم، ولو أنه ممن يهجر زيارة الموتى، أولا يعتقد فضل أمير المؤمنين وعلو محله لما لزمه هذا الالزام.
وكيف يكون حاصلا عندكم (3) التواتر على (4) ما يقولونه ، والكتب مملؤة من الاختلاف على ما قدمناه.
ولو فرضنا ان الذي صدر عنه التواتر، والاكما (5) تزعمون يقول خلاف ما
صفحه ۳۹
نقوله لم نقبله لان البحث في القبول وعدمه للمتواترات إنما هو قيل من صدر عنه المتواتر، والا لزم التناقض وخاصة إذا كان التواتر لا يلزم منه وفاق الخصم عليه، وأقول أيضا: ان كل ميت أهله اعلم بحاله في الغالب، وهم أولى بذلك من الأباعد الأجانب، فكيف إذا كان أهل البيت: المعنون (1) لهذه المعلومية، وهم الذين (قدرهم راسخ)، وعزهم شامخ، وقدسهم راسخ، لا يفارقهم الكتاب مرافقة أحد الثقلين للاخر اتحادا وموافقة.
وقد حكى أبو عمر الزاهد (2) في كتاب (اليواقيت) عن ثعلب معنى الثقلين، قال: سمي بذلك لان الاخذ بهم ثقيل، ولا شك ان عترته وشيعته متفقون على أن موضع (3) قبره لا يرتابون به أصلا، ويرون عنده آثارا تدل على صدق قولهم وهي كالحجة على المنكر المحاول للتعطيل، واعجب الأشياء انه لو وقف الناس على قبر مجهول وقال: هذا قبر اي؟ رجع فيه إلى قوله، وكان مقبولا لارتياب فيه عند سامعه، ويقول أهل بيته المعظمون (4) الأئمة ان هذا قبر والدنا ولا يقبل منه،
صفحه ۴۰
ويكون الأجانب الأباعد المناوؤن اعلم به. ان هذا من غريب القول فهو غير ملوم إنما ستر منه وكتم عنه ولما (1) يحط به علما، ولو ادعى العلم الحال هذه كان غير صادق، ولكنه لما جهل الحال كل منه استخرج قولا وأجراه مجرى الاجتهاد في الاحكام لما رأى عنده من المرجح له وان لم يكن له علم بالحقيقة به كما ذكرنا.
ونقل الناقل عن هذا الجهال بالامر على ما عنده من جهالته، واستمرت القاعدة الجهلية من تلك الطبقة إلى الطبقة الثانية تلقيا لذلك الجهل الأول، فأهله وأعيان خواصه أولى بالمعرفة وأدرى، وهذا واضح لا اشكال فيه ولا مرأ.
وقد ذكرنا مأتي السبب الذي أوجب اخفاء قبره (عليه السلام)، ولا شك ان ذلك سبب الاختلاف فيه والأئمة الطاهرون: لو أشاروا إلى خبر أجنبي لقلدوا فيه، فكيف وهم الأئمة والأولاد! فله (2) أرجحية من جهتين ظاهرتين، وهذا القدر كاف ولو أردنا تشعب المقال لأطلنا، ولكن ما دل وقل أولى مما كثر فمل.
صفحه ۴۱
المقدمة الثانية في السبب الموجب لاخفاء قبره (عليه السلام) قد تحقق وعلم ما كان قد جرى لأمير المؤمنين (عليه السلام) من الوقائع العظيمة الموجبة للشحناء، والعداوة والبغضاء (1)، والحق مرد ذلك من حيث قتل عثمان
صفحه ۴۳
يوم (الدار) (1) سنة 35 ه أولها الجمل وثانيها صفين، وثالثها النهروان، وادى ذلك إلى خروج أهل النهروان عليه وتدينهم بمحاربته وبغضه وسبه وقتل من ينتمي إليه، كما جرى لعبد الله بن الخباب بن الأرت وزوجته، وهؤلاء يعملونه تدينا غير متوصلين بذلك إلى رضى أحد، حتى سبوا عثمان (2) من جهة تغيره في السنين الست من ولايته حيث لم يشكروا قاعدته فيها وذلك مذكور في كتب السير، فقد مضى ذلك عندهم سبه وسب علي بن أبي طالب (3) لتحكيمه، وعذره في ذلك عذر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم قريضة وليس هذا موضع البحث فقتله عبد الرحمن (4) بن عمرو بن ملجم بن قيس بن مكشوح بن نضر بن كلدة بن حميرة والقصة مشهورة.
ولما أحضر ليقتل قال الثقفي في كتاب (مقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) ونقلته من نسخة عتيقة تاريخها سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وذلك على أحد القولين:
ان عبد الله بن جعفر قال: دعوني اشفي بعض ما في نفسي عليه، فرفع إليه فأمر بمسمار تحمى (5)، فأحمي بالنار ثم كحله، فجعل ابن ملجم يقول: تبارك الخالق الانسان من علق، يا ابن أخ! انك لتكحل بملول ممض! ثم أمر بقطع يده ورجله فقطع ولم يتكلم، ثم أمر بقطع لسانه فجزع، فقال له بعض الناس: يا عدو الله!
صفحه ۴۴
كحلت عيناك (1) بالنار وقطعت يداك ورجلاك فلم تجزع! فجزعت من قطع لسانك!.
فقال لهم: يا جهال! اما والله ما جزعت لقطع (2) لساني ولكني أكره ان أعيش في الدنيا فواقا لا أذكر الله فيه (3)!
فلما قطع لسانه أحرق بالنار (4).
فمن هذه حالة وحال أمثاله في التدين، فكيف لا يخفى قبره حذار اذى يصدر منهم إليه حتى أنه على ما أخبرني به عبد الصمد بن أحمد عن أبي الفرج ابن الجوزي قال:
صفحه ۴۵
قرأت بخط أبي الوفاء بن عقيل قال: جئ (1) بابن ملجم إلى الحسن (2) قال له (3): اني أريد ان أسارك بكلمة، فأبى الحسن (4) وقال: انه يريد ان يعض اذني، فقال ابن ملجم: والله لو مكنني منها لاخذتها من صماخه!.
فإذا كان هذا فعاله في الحال التي هو عليها مترقبا للقتل وحقده كذي (5) فكيف يكون من هو محل الرابطة؟!.
فهذه حال الخوارج الذين يقضون بذلك حق أنفسهم، فكيف يكون حال أصحاب معاوية بن أبي سفيان وبني أمية والملك لهم (6) والدولة إليهم، ملاك زمامها، وعلى رؤوسهم منشور اعلامها، يجبى إليهم ثمرات التقربات ويرون المبالغة في اعفاء الآثار من أعظم القربات، ويدل على الأول ما ذكره عبد الحميد ابن أبي الحديد في (شرح النهج البلاغة) (7) فقال: قال أبو جعفر الإسكافي: ان
صفحه ۴۶
معاوية بذل لسمرة بن جندب (١) مائة ألف درهم حتى يروي ان هذه الآية نزلت في علي (عليه السلام) <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي /القرآن-الكريم/0/204" target="_blank" title="سورة البقرة: 204">﴿ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب فساد﴾</a> (٢).
وان الآية الثانية نزلت في ابن ملجم (٣) وهو قوله تعالى <a class="quran" href="http://qadatona.org/عربي/القرآن-الكريم/2/207" target="_blank" title="البقرة: 207">﴿ومن ا لناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله﴾</a> (4). فلم يقبل، فبذل له مائتي الف فلم يقبل فبذل له ثلاثمائة الف فلم يقبل، فبذل له أربعمائة الف فقبل.
ويدل الثاني ما ذكره الثقفي في الكتاب المذكور، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان الأزدي، قال: حدثنا عتاب (5) بن كريم التميمي، قال: حدثنا الحارث بن خضرة، قال: حفر صاحب شرطة الحجاج حفيرا (6) فاستخرج شيخا ابيض الرأس واللحية، فكتب إلى الحجاج: اني حفرت فاستخرجت شيخا ابيض
صفحه ۴۷
الرأس واللحية، وهو علي بن أبي طالب، فكتب إليه الحجاج: كذبت أعد الرجل من حيث استخرجته، فأن الحسن بن علي حمل أباه من حيث خرج إلى المدينة (1).
أقول: وهذا غير صحيح لان نبش الميت لا يجوز بعد دفنه، فكيف يفعل ما لا يجوز، بهذا كاف في البطلان. وهذا الخبر أوردناه شاهدا على تتبعهم له إلى هذه الغاية، ولو ترجح في خاطره انه لأظهر المخبات (2) فيه ولا اعتراض به، ولأنها (3) ورد في أمثاله في النقل في قول أبي اليقظان: انه في قصر الامارة، ولا انه مدفون بالرحبة مما يلي أبواب كندة (4)، ولا إلى ما قاله الفضل بن دكين (5): انه بالبقيع، ولا إلى ما قاله صاحب ترعة الشراب انه: بالحيف، ولا إلى ما قال إنه (6):
بمشهد (كوخ زادوه) (7) قريبا من النعمانية، ولا إلى ما قاله الخطيب عن بعضهم:
أن طيا نبشوه فتوهموه مالا (8)، لأنها أقوال مبنية على الرجم بالغيب، ان يظنون الا ظنا ومالهم به من علم. وسيأتي تحقيق ذلك وصحة النقل به.
قال المولى المعظم فريد عصره، ووحيد دهره، عزة آل أبي طالب غياث الدنيا والدين أبو المظفر عبد الكريم بن أحمد بن طاووس (أدام الله اقباله) (9):
صفحه ۴۸
والذي بنى مشهد الكرخ الحاجب شباشي (1) مولى شرف الدولة أبي الفوراس بن عضد الدولة، وبنى قنطرة الياسرية ووقف دباها (2) على المارستان، وسد بثق (3) الخالص، وحفر ذنابة دجيل، وساق الماء إلى مشهد موسى بن جعفر (عليه السلام)، ولا يقال إن الحجاج إنما تركه لكونه عنده معلوما انه بالبقيع، لأنني أقول: لو كان ذلك كما قال لكان ظاهرا مشارا إليه، أو كان الأئمة: قد دلوا بعد مدة عليه، وإنما كلامه على الظن ولا ريب ان الستر أوجب ذلك وحصل بحمد الله، وحال الحجاج وما فعله مع (4) شيعة علي وتتبعه لهم أظهر من أن يدل عليه.
1 - ورأيت حكاية يليق ذكر ها، وذكرها والدي (رضي الله عنه) في كتابه (نور الاقاحي النجدية) فقال: هشام بن السائب الكلبي (5) عن أبيه قال: أدركت بني أود وهم يعلمون أبناءهم وحرمهم (6) سب علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وفيهم رجل من رهط عبد الله بن إدريس بن هاني، فدخل على الحجاج بن يوسف يوما فكلمه بكلام،
صفحه ۴۹
فأغلظ له الحجاج في الجواب، فقال له: لا تقل هذا أيها الأمير، فلا لقريش ولا لثقيف منقبة يعتدون بها الا ونحن نعتد بمثلها، قال له: وما مناقبكم؟ قال: ما ينقص عثمان ولا ذكر (1) بسؤ في نادينا قط، قال: هذه منقبة، (قال: وما رؤي منا خارجي قط، قال: ومنقبة) (2) قال: وما شهد منا مع أبي تراب مشاهده الا رجل واحد فأسقطه ذلك عندنا وأخمله، فماله فينا (3) قدر ولا قيمة.
قال: وما أراد منا رجل قط ان يتزوج امرأة الا سئل عنها هل تحب أبا تراب أو تذكره بخير، فإن قيل إنها تفعل ذلك اجتنبها فلم يتزوجها، قال:
ومنقبة.
قال: وما ولد فينا ذكر فسمي عليا ولا حسنا ولا حسينا، ولا ولدت فينا جارية فسميت فاطمة! قال: ومنقبة.
قال: ونذرت منا امرأة حين أقبل الحسين إلى العراق إن قتله الله أن تنحر عشر جزر (4)، فلما قتل وفت بنذرها!! قال: ومنقبة.
قال: ودعي رجل منا إلى البراءة من علي ولعنه فقال: نعم وأزيد (5) حسنا وحسينا! قال: ومنقبة.
قال: قال لنا أمير المؤمنين عبد الملك: أنتم الشعار دون الدثار، وأنتم الأنصار بعد الأنصار، قال: ومنقبة، قال: وما بالكوفة ملاحة إلا ملاحة بني أود،
صفحه ۵۰
فضحك الحجاج (1).
قال هشام بن (2) الكلبي: قال لي أبي: فسلبهم الله ملاحتهم!!
أقول: وقد كان معاوية ابن أبي سفيان يسب علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) (3) ويتبع أصحابه مثل:
ميثم التمار (4).
وعمرو بن الحمق (5).
صفحه ۵۱
وجويرية بن مزهر (1).
ورشيد الهجري (2). ويقنت بسبه في الصلاة.
2 - أخبرني بذلك العدل محمد بن محمد بن علي الزيات (3) الواعظ، عن الحسن بن إسحاق بن موهوب بن الجواليقي، عن القاضي ابن عبد الله محمد، عن القاضي عبد الله بن محمد بن البيضاوي، عن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، عن أحمد بن عبد الواحد الوكيل، عن أبي الحسن علي بن محمد (بن عقبة بن همام) (4)
صفحه ۵۲
بن هشام الشيباني، عن سليمان بن الربيع بن هشام النهدي، عن نصر بن مزاحم التيمي (1) في كتاب (صفين).
قال: وكان معاوية إذا قنت لعن عليا (2) وابن عباس وقيس بن سعد والحسن والحسين ولم ينكر ذلك عليه، اما خوفا من مؤمن أو اعتقادا من جاهل (3). 3 - وكان (خالد بن) (4) بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كريز (5) بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن غمغمة بن جرير بن شق بن صعب (6) ابن رهم بن أفرك بن بدر بن قسر القسري يقول على المنبر:
إلعنوا علي بن أبي طالب فإنه لص بن لص! (بضم اللام)، فقام إليه أعرابي فقال: والله ما أعلم من شي أعجب من سبك علي بن أبي طالب (7)، أم معرفتك بالعربية؟! (8).
صفحه ۵۳
وقال الكراجكي في كتاب (التعجب) (1) ما مناه، مسجد الذكر بمصر وهو معروف في موضع يعرف بسوق وردان، وإنما سمي مسجد الذكر لان الخطيب سها يوم الجمعة عن سب علي بن أبي طالب (2) على المنبر، فلما وصل إلى موضع المسجد المذكور، وذكر انه لم يسبه فوقف وسبه هناك قضاء لما نسيه، فبني الموضع وسمي بذلك. وقال: مررت به في بعض السنين فرأيت فيه سرجا كثيرة وآثار بخور، وذكر لي أنه يؤخذ من ترابه ويتشافى (3) به، ثم جدد بنيانه بعد ذلك وعظم أمره، ويسمون إلى الان يوم الجمعة يوم السب بالشام.
فاقتضى ذلك أن أوصى بدفنه (عليه السلام) سرا خوفا من بني أمية وأعوانهم، والخوارج، وأمثالهم، فربما لو نبشوه مع علمهم بمكانه، حمل ذلك بني هاشم على المحاربة، والمشاققة التي أغضى عنها (عليه السلام) في حال حياته، فكيف لا يوصي (4) بترك ما فيه مادة (5) النزاع بعد وفاته، وقد كان في طي قبره فوائد لا تحصى غير معلومة لنا بالتفصيل، وقد كان عرفت قصة الحسن (6) في دفنه بالبقيع، حيث أوصى بذلك بعد أن جرى نزاع في دفنه عند جده طلبا لقطع مواد الشر، فلما علم أهل بيته (عليهم السلام): انه متى ظهر وعرف لم يتوجه إليه الا التعظيم والتبجيل، لا جرم انهم أظهروه ودلوا عليه من حيث اعتمدوا ذلك وزال الخوف
صفحه ۵۴
والحذر، بدليل وجود التعظيم والزيارة له والميل بالقلوب من حيث ظهروا إلى الان، وكلما جاء الامن زاد التعظيم وكبر (2)، وهذا كاف إن شاء الله تعالى، وستأتي أحاديث تدل على هذا ذكر ت في مواضعها (2).
صفحه ۵۵