مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، وبعثه مستقلا (1) بأعباء الرسالة داعيا إليه بإذنه وسراجا منيرا، وجعله مبشرا للمؤمنين، بأن لهم من الله فضلا كبيرا، ونذيرا للكافرين، بأن لهم جهنم جزاء ومصيرا، وأعز به الحنيفية (2) السهلة السمحة، وأظهره على الدين كله، وجعل له من لدنه سلطانا نصيرا، وأمرنا بالصلاة عليه قربة إليه وزلفى لديه، وجعلها للذنوب ممحصة، وللخطيئات (3) ممحقة، وللآثام ممحاة، وللسيئات تكفيرا.
وانتجب له أمير المؤمنين عليا أخا وعونا وردءا وخليلا ورفيقا ووزيرا، وصيره على أمر الدين والدنيا له مؤازرا ومساعدا ومنجدا وظهيرا.
وجعله أبا بنيه، وجمع كل الفضائل فيه، وأنزل في شأنه: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون .
[55- المائدة: 5] تعظيما لشأنه وتكريما وتوقيرا لمحله، وتوقية لحق ولايته الواجبة وتوقيرا، نصر به الشريعة والإسلام، وأذل ببأسه الكفر وكسر الأصنام والأوثان، وشكر إطعامه الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا.
وصلى الله على محمد عبده ونبيه المنعوت بالخلق العظيم، والمبعوث إلى الثقلين بالكتاب الكريم، وعلى إمام الأولياء، وأولاده الأئمة الأصفياء، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، صلاة دائمة تنوه بذكرهم (4) وتضاعف لهم
صفحه ۱۱
الدرجات العلى إنعاما وترحيبا وتعزيرا وتزيدهم رفعة وتمكينا وسعادة وتنصيرا، وعلى نيل الأماني ودرك المطالب تظفيرا، وسلم عليه وعليهم- كلما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون- تسليما ساميا ناميا، وزاكيا مباركا فيه، طيبا كثيرا (1).
والحمد لله الذي ختم النبوة والرسالة بمحمد المصطفى الأمي الأمين المأمون، وبدأ الولاية من أخيه، وفرع صنو أبيه، المنزل من موسى فضيلته النبوية (2) منزلة هارون، وصيه الرضى المرتضى، علي- (عليه السلام)- باب مدينة العلم المخزون، منار الجود والإحسان، ومثار الحكمة والعرفان، الواقف على دقائق أسرار القرآن، والمطلع على لطائف معاني الفرقان، وغوامض الحكم والعلوم، وما هو منها كهيئة المكنون.
ثم ختم الولاية بنجله الصالح (3) المهتدي الحجة القائم بالحق، العارف بحقائق ما صدر من الكاف والنون، المحيط علما بدقائق ما جرى به القلم ونفث به النون (4) سبحانه من لطيف خبير ، زرع في أراضي الإيجاد والتكوين، حبة الولاية فأخرج شطأها بعلي المرتضى سيف الله المنتضى (5) وآزره بالأئمة المعصومين من ذريته أهل الهداية والتقوى، فاستغلظ بميامن اجتهاد أولياء الله الصالحين، ذوي المجاهدات والمكاشفات، المجدين في قمع الهوى، فاستوى (6) على سوقه بالمهدي الهادي المكين الأمين يسعى.
والصلاة والسلام والتحنن والتحية والإكرام على محمد نبيه، خلاصة البريات باليقين، ونقاوة ما خط على لوح الوجود وقلم التكوين، ووصيه أسد الله الغالب علي بن أبي طالب، وآله وعترته الطاهرة المباركة، وذراريه الطاهرين نجوم فلك العصمة، وذراريه الطاهرات الزاهرات، و[على] من سعد بالنظر إلى جماله وطلعته، وتشرف بصحبته وملازمة عتبته، واقتفى أثره وانتهج لسنته (7) واقتدى بهداه،
صفحه ۱۲
واتبع سننه، و[على] أزواجه أمهات المؤمنين، وجميع أصحابه وإخوانه، وكافة خلصائه وخلانه، وسائر أنصاره وأعوانه (وأصهاره) (1) وأختانه وزمر أحبائه، وخلفائه، (وخلصائه) ووزرائه، وأوليائه، صلاة دائمة (أبدا) سرمدا دوام السماوات والأرضين، وسلاما أساسه غير منقض سجيس الليالي (2)، وأبد الآبدين، وتحننا باقيا راقيا في معارج التأبيد غير منقض (3) ولا منتقض، ولا غوص الغائصين (ولا عرض العارضين) ودهر الداهرين.
وبعد- فالحمد لله كما أن هدت إلى محبة السادة الغر الميامين-
حب النبي وأهل البيت معتمدي
إذا الخطوب أساءت رأيها فينا
يقول أفقر خلق الله إلى رحمته وجميل صفحه عن جرائمه الفادحة، وعظيم ذنبه، المؤمل شفاعة نبيه محمد وأهل بيته كرام الأنام المرتجين وصحبه (4).
عليهم صلاة الله ما حسن وإله
وحيا الحيا وادي العقيق يسكنه
إبراهيم بن محمد بن المؤيد الحموئي (5) عفى الله تعالى عنه لمحبته للأئمة الأطهار، وأحياه على متابعتهم وولائهم، وأماته عليها، وحشره معهم، وجعله تحت لوائهم (فهم) سادة الأولين والآخرين.
صفحه ۱۳
قوم لهم مني ولاء خالص
في حالة الإعلان والإسرار
أنا عبدهم ووليهم وولاهم
سوري وموئل عصمتي وسواري
فعليهم مني السلام فإنهم
أقصى مناي ومنتهى إيثاري
مستوزعا من كرمه وتوقيفه سبحانه شكر هذه النعمة، التي هي أجل ما خصه به، وساقه إليه من ألطافه وأياديه، وامتن ما امتن به عليه من منائحه العظيمة وإحسانه المتلاحقة تواليه بهواديه، وهي موالاة الأئمة الأطهار ، السادة الأبرار القادة الأخيار.
مطهرون نقيات ثيابهم
تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
ومنهم الملأ الأعلى وعندهم
علم الكتاب وما جاءت به السور
هذه فرائد أحاديث من بحر الفضائل مستخرجة، وفي سلك الإخلاص منظومة (1) وأزهار أخبار تزهي بها رياض المزايا والمفاخر التي هي بسحب الولاية مرهومة.
دراري صدق ضمنها درر العلى
وليس بمولى مثلها يد مسند
بصائر أنس في حظائر قدست
بذكر ولاة الأمر من بعد أحمد
فصوص نصوص في ذوي الفضل والتقى
شموس على ذرت لأشرف محتد
لهم في سماء المجد أشرف مصعد
وهم في عراص الدين أكرم مرصد
ينبىء بعضها عن نبذ مما خص الله تعالى به- من الفضائل المتلألئة الأنوار، والمناقب العلية المنار، والمآثر الكريمة الآثار، والمكارم الغائضة التيار والمنائح الفاتحة الأزهار، والمقامات الطاهرة الأقدار، والكرامات الوسيعة الأقطار، والمراتب الرفيعة الأخطار- جناب ولاية المولى أمير المؤمنين وسيد الوصيين، ورأس الأولياء والصديقين، وإمام البررة المتقين، يعسوب الدين، ومبين مناهج الصدق واليقين، وأخي رسول رب العالمين.
محمد العالي سرادق مجده
على قمة المجد الرفيع (2)تعاليا
علي علا فوق السماوات قدره
ومن فضله نال المعالي الأمانيا
فأسس بنيان الولاية متقنا
وحاز ذوو التحقيق منه المعانيا
الليث الهصور (3) والسيد الوقور، والبطل المنصور، والبحر المسجور والعلم
صفحه ۱۴
المنشور، والسيف البتور (1) والعباب الزاخر الخضم، والطود الشاهق الأشم وساقي المؤمنين من الأكواب بالأوفى والأتم، الهصير (2) الهصار أسد الله الكرار أبي الأئمة الأطهار، معدن السكينة والوقار وقائد الغر المحجلين الأبرار، المشرف بمزية «من كنت مولاه فعلي مولاه» والمؤيد بدعوة «اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه» كاسر الأصنام وهازم الأحزاب، المتصدق بخاتمه في المحراب، صمد مفاحم الجدال (3) والمبير إذا دعت [الدعاة إلى] نزال (4) فارس ميدان الطعان والضراب، هزبر كل عرين وضرغام كل غاب، الذي كل لسان كل مغتاب ومعتاب، وبيان كل ذام ومرتاب عن قدح في قدح معاليه، لنقاب حبابه (5) عن كل ذام وعاب، المخصوص من حضرة النبوة بكرامة الأخوة والانتخاب، المنصوص عليه بأنه لدار الحكمة ومدينة العلم باب، المكنى بأبي الريحانتين (6) وأبي الحسن وأبي تراب.
هو النبأ العظيم وفلك نوح
وباب الله وانقطع الخطاب
ذي البراهين القاطعة، والآيات الدامغة، وصاحب الكرامات الظاهرة، والحجج البالغة، ينبوع الخير ومعدن البركات، ومنجي غرقى بحار المعاصي من المخازي والمهاوي والدركات، مبدع جسيمات المكارم ومفيض عميمات المنن، الإمام الذي حبه وحب أولاده في المواطن السبعة، الشديدة المكاره، العظيمة الأهوال من أوفى العدة وأوقى الجنن (7).
أخو أحمد المختار صفوة هاشم
أبو السادة الغر الميامين مؤتمن
وصي إمام المرسلين محمد
علي أمير المؤمنين أبو الحسن
هما ظهرا شخصين والروح واحد
بنص حديث النفس والنور فاعلمن (8)
صفحه ۱۵
هو الوزر (1)المأمول في كل خطة
وان تنجي الهلكى ولايته قمن (2)
عليهم صلاة الله ما لاح كوكب
وما هب ممراض النسيم على فنن
وهي قطرة من بحار فضائله الزاخرة العباب، وندى رشحة من سحائب مناقبه الدائمة التسكاب، ولمحة من زواخر (3) مفاخره التي فاتت حد العد والحصر والحساب، ولمعة من شهب مآثره التي عجزت عن عد جزء من آلافها المؤلفة وإحصائها وتحريرها أنامل الحساب والكتاب؟!
ومن ذا الذي يحصي الكواكب والقطرا؟ (4).
وقد أخبرني الشيخان مجد الدين عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر البغدادي، وعماد الدين عبد الحافظ بن بدران بن شبل المقدسي إجازة قالا: أخبرنا الشيخ (5) جمال الدين أبو عبد الله محمد بن يحيى بن سعيد الزينبي الواسطي إجازة، قال: أنبأنا الإمام العلامة برهان الدين أبو الفتح بن أبي المكارم المطرزي إجازة، قال: أنبأنا الإمام أخطب خوارزم الموفق بن أحمد أبو المؤيد المكي إجازة، إن لم يكن سماعا (6) قال: أنبأنا صدر الحفاظ أبو العلا الحسن بن أحمد العطار الهمداني، وقاضي القضاة نجم الدين أبو منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي، قالا: أنبأنا الشريف الإمام الأجل نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي، عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، قال: أنبأنا المعافى بن زكريا بن الفرج، عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج القطان، عن جرير عن ليث:
عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله-:
لو أن الغياض أقلام، والبحر مداد، والجن حساب، والإنس كتاب، ما أحصوا فضائل علي بن أبي طالب!!
صفحه ۱۶
ويشتمل البعض الآخر على زواخر (1) أخبار صدرت عن حضرة النبوة والرسالة- وجناب العزة والطهارة والجلالة، صلوات الله وسلامه على قائلها، وتحياته الطاهرات الزاكيات، التي تندرج المحامد كلها تحت غلائلها (2) ورأفته وبركاته التي تتأرج رياض الرضوان من مدارج نسائمها، ومهاب شمائلها- منبئة عن بعض مناقب أهل العباء المشرفين بالتطهير والاصطفاء والاجتباء: ابن عمه المرتضى أمين الإمامة، وأبي الأولياء، حامل لواء الحمد في دار البقاء، وقرة عينه سيدة نساء العالمين، البتول الزهراء، وولديه سيدي شباب أهل الجنة، السبطين المخصوصين بكرامة الاختصاص والارتضاء، ومبينة شطرا من مآثر آله الكرام الأمناء، وعترته النقباء النجباء، وأولادهم الهداة المعصومين الأتقياء الأنقياء، وطرفا من طرف خصائص أتباعهم وأشياعهم البهاليل الكرماء؛ الصعداء بالانتساب إلى الحضرة النبوية وشرف الانتماء.
فسلام الله- تعالى- وصلواته الزاكيات، ونوامي تحياته ورأفته الساميات، على المصطفى المقصود من خلق الأكوان كلها، المرفوع راية مجده يوم العرض الأكبر، وآدم (عليه السلام) ومن دونه تحت ظلها (محمد) الممدود سرادق جلاله على على قمة الأفلاك، المحمود طرائقه في هداية الخلق إلى سواء الصراط، وإنقاذهم من ورطات الهلاك، ما حي ظلم الظلم، وكاسر أشراك الإشراك، المنيع جناب عزته من أن يحوم حول حمى وصفه رائد الإدراك.
وعلى وزيره وأخيه وقرة عين صنو أبيه المرتضى المجتبى، الذي هو في الدنيا والآخرة إمام وسيد، وفي ذات الله سبحانه أخيشن ممسوس، وفي إقامة دينه الواجب الحق قوي أيد (3) ذو القلب العقول والأذن الواعية، والهمة التي هي بالعهود وافية ولها راعية.
و[على] آله وأهل بيته الأقمار الزاهرة، والشموس البازغة، سادة الخلق وساسة
صفحه ۱۷
النفوس البازغة، ما طلعت ذكاء، وتعاقب الصباح والمساء، وعلت على الأرض السماء واستجيب (1) من المتوسل بذكرهم والمقسم بحرمتهم [وهم] سادة الدنيا والآخرة الدعاء.
ورضوان الله تعالى وسلامه على المنتهين (2) إليهم والمرفوفين بأجنحة الإخلاص حواليهم والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين والطائفين إلى كعبة موالاتهم بأقدام اليقين، ماسح سحاب (3) وارتكم ضباب، وعلا على غدر الماء (4) حباب.
وتحياته على أرواحهم الزاكية، الطاهرة الطياب، ما نفح اناب، ونفع كتاب، وما لاح في أفق السماء شهاب.
ولا تخطت سوار المزن ساحتهم
ولا عدتها غوادي العارض الهطل
[وهذه الفرائد] خرجتها من مروياتي وجمعتها، ومن مقام الضراعة إلى ذروة الإخلاص دفعتها
متوسلا بهم وسائل فضلهم
أن يسألوا في العفو عن أوزاري
متوقعا لمواهب ورغائب
ومطالب مثل السحاب غزار
مبتهلا إلى الله- سبحانه وتعالى- راجيا من كرمه الذي يتواتر امداده (في الجود) ويتوالى، أن لا يحرمني من الثواب الموعود، لذاكري فضيلته وكاتبيها، والناظرين إليها ومستمعيها (5) على ما:
أخبرني الصدر الإمام العلامة نصير الدين أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن بن أبي بكر المشهدي الطوسي- عليه الرحمة والرضوان- إجازة، قال: أنبأنا خالي الإمام السعيد نور الدين علي بن محمد بن علي بن أبي منصور السعدي (6)- رحمه الله إجازة.
وأنبأني الإمام الشيخ العدل تاج الدين أبو طالب علي بن أنجب بن عبيد الله الخازن البغدادي قالا: أنبأنا الإمام برهان الدين أبو المظفر ناصر ابن أبي المكارم
صفحه ۱۸
المطرزي الخوارزمي إجازة بروايته عن الإمام ضياء الدين أخطب الخطباء أبي المؤيد موفق بن أحمد المكي (1) إجازة إن لم يكن سماعا، قال: أنبأنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني وقاضي القضاة نجم الدين أبو منصور محمد ابن الحسين بن محمد البغدادي قالا: أنبأنا الشريف الإمام الأجل نور الهدى أبو طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي رحمه الله، عن الإمام محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان، قال: حدثني أبو محمد أحمد بن الحسن بن أحمد (2) المخلدى من كتابه عن الحسين بن إسحاق، عن محمد بن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عمار، عن أبيه:
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وعليهم، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تعالى جعل لأخي علي فضائل لا تحصى كثرة، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن كتب فضيلة من فضائله (مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه) (3) ولم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لذلك المكتوب رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله له ذنوبه التي اكتسبها بالاستماع، ومن نظر إلى كتاب من فضائله غفر الله ذنوبه التي اكتسبها بالنظر.
ثم قال: صلى الله عليه وآله: النظر إلى علي عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل الله إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه.
و[فرائدي هذه] قد جعلتها تحفة لخلص إخواني، وتذكرة صيانة لعهود صيانة أنصاري في دين الله وأعواني الذين أرجو ببركة دعائهم أن يمن الله تعالى (علي) باصلاح لحالي ورفق لشأني، ويثبت على تحري مرضاته قلبي، وعلى صراطه المستقيم قدمي، ويجري بالصدق والصواب لساني، ويزدني كل يوم بل كل ساعة، بل كل طرفة عين في موالاة الأئمة الطاهرين- الذين هم على حلية الدنيا وجمال الآخرة، والعلية لمخلوق في حلية الفضائل العلية الفاخرة- سببا متينا، وبرهانا مبينا واعتقادا صافيا ويقينا، ويجعلها ديدنا ودأبا ودينا.
أرجو النجاة بهم يوم المعاد وإن
جنت يداي من الذنب الأفانينا
فصلوات الله تعالى على محمد نبيه وآله ما نظر عين ومطر عين، ونبع عين وتبع عين عينا ويرحم الله عبدا قال آمينا.
صفحه ۱۹
ولقد سلكت فرائد درر هذه الأحاديث في سمطين، ونظمت جواهرها في سلكين، وأسمدتهما (1) لأحمال الأوزار وأعياء الآثام وأثقال الجرائم العظام في لجج رجاء الغفران فلكين:
سمط يحتوي من أخبار وردت في فضائل أمير المؤمنين إمام الأئمة وهادي الأمة، عصرة المنجود، وكاشف الكربة والغمة، والمكرم يوم «غدير خم» بتعميم الولاية وتغميم باحن الغمة، الذي يتزين باسمه الفضائل والمآثر، ويتحلى بوصفه المحافل والمنابر (2) وتباهى ملائكة السماء بخشوعه وسجوده، وتفتخر الكائنات كلها بوجوده، وتمتدح الألقاب والأوصاف عند ذكره، وتعجز الأوهام والأفهام لدى كشف سره عن تصور علو شأنه ورفعة (3) قدره.
سقته سحائب الرضوان سحا
كجود يديه ينسجم انسجاما
ولا زالت رواء المزن تهدي
إلى النجف التحية والسلاما
على النجب الروافع والفقر البدائع والغرر اللوامع والزهر الجوامع، مما تتعطر الآفاق من فوائح نشرها وتبتهج الأرواح والقلوب بمشاهدة لوائح بشرها، ويرتوي الظمأن عند سماع ذكرها ووصفها، ويتوشح عرايش المفاخر بمفائد (4) وردها وحسن وصفها، ويبهر أبصار الحاسدين شعاعها ويا حبذا عند المحب سماعها.
والسمط الآخر يشتمل على أخبار وردت عن الجناب المقدس عن كل عيب، المؤيد من الغيب، حضرة النبي المختار الممجد- رسول إله (5) العالمين محمد عليه صلوات الله سبحانه وسلامه ما لمع البرق وسجع الورق- في فضائل آله وعترته الذين خصهم الله سبحانه بالاصطفاء والكرامة والزلفى وأوردهم من مناهل لطفه ومشارع فضله وعطفه المشرب الأعذب والمورد الأصفى، وجعل محبتهم مثمرة للسعادات الظليلة الظلال في الأولى والعقبى، وأنزل في شأنهم (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) [23- الشورى 42]
هم القوم من أصفاهم الود مخلصا
تمسك في أخراه بالسبب الأقوى
هم القوم فاقوا العالمين مآثرا
محاسنها تجلى وآياتها تروى
موالاتهم فرض وحبهم هدى
وطاعتهم قربي وودهم تقوى
صفحه ۲۰
[وأفضل عترته] أولهم [حيازة للمكارم وهم] أهل العباء المطهرون من أنجاس الأرجاس، المبرءون من أوزار الميل إلى الدنيا والأدناس (1) المفضلون على خيار الثقلين الجن والإنس (2) [وهم]:
علي أمير المؤمنين ممهد قواعد الإمامة، حامل لواء الحمد يوم القيامة، كاسف النير الأعظم الزاهر الجلي بباهر نوره وبهائه، وكاشف الحلي بهمته العالية ولطف تدبيره ويمن آرائه، خضم الجود والسخاء ولهم الإمام حالتي العسر والرخاء (3) الإمام الذي هو في ظلم الجهالة والضلالة نبراس، وفي لجم المبارزة والطعان هرماس خناس (4) ولمدائن العلوم والحكم اليقينية فضائله أساس (5) وما في قربه من رسول الله ومفاخره التي لا يحيط بها وهم وحد وقياس، عند ذي رأى ودين شبهة وشك وريبة والتباس.
وزوجه الزهراء البتول قرة عين الرسول، وولداه السبطان سيدا شباب أهل الجنة الحسنان.
ثم العترة الطاهرة النقية، والأسرة العلية العلوية؛ وآخرهم المهدي، خلاصة الماء والطين وموقف خلق الرحمن علي أسرار الدين الإمام الذي هو من العلم بطين، ومن صيت معاليه في أذن الملك والملكوت طنين (6) حجة الله تعالى على البرية، الطاهرة الشريفة الزكية نفسه من كل رذيلة ودنية، والمتحلية ذاته بكل فضيلة جليلة، ومنقبة سنية يسعى لمزيد المراد من التكوين والخلق، والمقصود من الإيجاد والإبداع بالحق، صلوات الله سبحانه على محمد وآله، خصوصا على المهدي القائم وذوى قرابته وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، وآل كل وصحابته ما تصلصلت على دوحات الحمى الحمام الودق، وتسلسلت من نسمات العشا الحمام الزرق، ما يزوى بأزهار الضائعة روائحها (7) وتردى على الأقمار الطالعة لوائحها، من طرائف النكت الغريبة، ولطائف النتف العجيبة، وزواهر المآثر المنيفة، وصفايا المزايا الشريفة.
ومن أين للشمس المنيرة مالها؟! وهيهات [من] أن ينال أحد منالها! أو
صفحه ۲۱
يطمع وهم في أن يتصور مثالها، أو يطالع حس أو نفس جمالها وكمالها؟! وجعلت هذا المجموع مشتملا على أبواب محدود (1) على اثني عشر في مثلها عدتها. وجمعتها لنفسي المذنبة، يوم تبلى السرائر، وتتلى الصحائف عن كل محذور وقايتها، وعن المخاوف عدتها.
[بيان تنضيد الكتاب على سمطين وكون كل سمط مشتملا على (72) بابا.]
[والكتاب منقسم على سمطين، و] يتضمن (السمط الأول منه) اثنين وسبعين بابا في فضائل أمير المؤمنين علي [بن أبي طالب] أبي الأولياء وباب مدينة العلم.
ويحتوي (السمط الآخر) على اثنين وسبعين بابا في مناقب أهل البيت الطاهرين، ومعادن الصدق، ومنابع الكرم والحلم.
وأنا أسأل الله تعالى أن يجعل سعيي في نظم هذه الدرر، وجمع هذه الغرر خالصا لوجهه الكريم، وينفعني بها وسائر إخواني وأصحابي بمنه العظيم، ولطفه العميم، ويثبت ببركتهم لساني بالقول الثابت عند تزلزل الكلام، وقدمي على الصراط بمحبتهم يوم تزول [فيه] الأقدام، ويدخلني والمسلمين جميعا بولايتهم دار السلام، إنه غاية المرام وهو سبحانه ولي الفضل والإنعام، فمنه كل خير وهو القادر عليه، والاستعانة منه والمصير إليه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
صفحه ۲۲
السمط الأول [وهو] محتو على فاتحة وخاتمة واثنين وسبعين بابا.
فالفاتحة في بيان أن الصلاة على النبي محمد وآله أشرف الأعمال، وأكملها نصابا، وأفضل الطاعات، وأجزلها ثوابا، وأسرعها قبولا، وأشدها استحبابا وأسدها منهجا، وأسرعها إلى الإجابة بابا، وملك السعادة الأبدية لصاحبها المواظب عليها مسلم، وهي للخلاص من الدركات سبب ومكفأة، وإلى درك الدرجات العالية مرقاة وسلم (1).
والأبواب كلها في ذكر مناقب الإمام الذي هو لمدينة العلم باب، وبتفضيله واصطفائه نزل الوحي ونطق الكتاب، أبي الحسن والحسين وارث الرسل ومولى الثقلين.
أخي خاتم الرسل الكرام محمد
رسول إله العالمين مطهر
علي وصي المصطفى ووزيره
أبى السادة الغر البهاليل حيدر
والخاتمة في كلمات مروية عن عالي جنابه، وفوائد مأثورة عن حضرته، وزواهر جواهر مستخرجة من عبابه، على محمد وعليه الصلاة والسلام، ما حن صاحب شوق، وصاحت ذات طوق، وطماطيار (2) وجن ليل وسال سيل.
صفحه ۲۳
[فاتحة السمط الأول في فوائد الصلوات عليه ص وأمره بالدعاء بالصلاة عليه وبيانه ص كيفية الصلوات عليه ص وعلى آله ع]
[وأما] الفاتحة [فهي] فاتحة فتوح فائحة الأزهار، وسانحة وضوح سائجة الأنهار:
1- أخبرنا العدل عز الدين محمد بن علي بن أبي البدر البغدادي رحمه الله (بقراءتي عليه) بمنزل «زرود»- منصرفنا من حج بيت الله الحرام زيد شرفا وقدسا، بكرة يوم الجمعة الثامن عشر من شهر الله الحرام ذي القعدة سنة أربع وتسعين وستمائة- قلت له: أخبرك الشيخ عبد اللطيف بن محمد بن علي بن حمزة بن قايس (1) القبيطي أبو طالب بسماعك علية بقراءة الحافظ محمد بن النجار في شعبان سنة خمس وثلاثين وستمائة بالمستنجدية؟ فأقر به (2) قال: أنبأنا أبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي، قال أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد الدوني عن القاضي أبي نصر الكسار، عن أبي بكر أحمد بن محمد السني عن الإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي: قال: أنبأنا إسحاق ابن منصور، قال:
أنبأنا محمد بن يوسف قال: أنبأنا يونس بن أبي إسحاق:
عن بريد (3) بن أبي مريم، عن أنس بن مالك قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلى علي (صلاة) واحدة صلى الله عليه عشر صلوات (4) وحطت عنه عشر خطيئات، ورفع له عشر درجات.
صفحه ۲۴
2- وبالإسناد [المتقدم] إلى أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في حديثه عن أبيه عن عثمان بن حكيم، عن خالد بن سلمة عن موسى بن طلحة، قال: سألت زيد بن خارجة (1) قال: أنا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال، صلوا علي واجتهدوا في الدعاء وقولوا: اللهم صلى على محمد وآل محمد (2).
صفحه ۲۵
فضيلة ما خص بها أحد من الأنبياء، ومنقبة جاوزت حد العد، والإحصاء.
3- أخبرنا الشيخ الإمام المفتي في حرم الله تعالى محب الدين أحمد بن عبد الله بن أبي بكر الطبري المكي- بقراءتي (عليه) بمكة المعظمة بالحرم الشريف تجاه الكعبة المقدسة زيدت قدسا، قدام قبة الصخرة زيدت شرفا، يوم السبت بعد صلاة العصر الرابع عشر من شهر الله الحرام ذي الحجة سنة تسع وسبعين وستمائة- وعدهن في يدي، قال: أنبأنا قاضي الحرم الشريف إسحاق بن أبي بكر الطبري وعدهن في يدي قال: أنبأنا الشيخ الإمام شرف الدين أبو المظفر محمد بن علوان بن مهاجر الموصلي وعدهن في يدي، قال: أنبأنا الشيخ أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي وعدهن في يدي، قال: أنبأنا جدي وعدهن في يدي قال:
أنبأنا الشيخ أبو بكر بن خلف وعدهن في يدي قال أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله (1) ابن محمد بن حمدويه بن نعيم الحاكم، وعدهن في يدي، وقال عدهن في يدي أبو بكر بن ابي حازم الحافظ بالكوفة وقال لي: عدهن في يدي حرب بن الحسن الطحان (2) وقال لي: عدهن في يدي يحيى بن المساور الحناط، وقال لي:
عدهن في يدي عمرو بن خالد، وقال لي: عدهن في يدي، زيد بن علي بن الحسين وقال لي: عدهن في يدي علي بن الحسين، وقال لي: عدهن في يدي أبي الحسين بن علي وقال لي عدهن في يدي علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، وقال لي عدهن في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عدهن في يدي جبرئيل (عليه السلام)، وقال لي جبرئيل هكذا نزلت بهن من عند رب العالمين:
صفحه ۲۶
اللهم صلى على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم ترحم على محمد وآل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم تحنن على محمد وآل محمد، كما تحننت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم وسلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (1).
صفحه ۲۷
فضيلة منجحة لذوي الرجاء منجحة للدعاء رافعة إلى السماء وهي أن الصلاة على النبي والآل وسيلة إلى إجابة السؤال ووصلة لإصابة الآمال:
6- أخبرنا الشيخ الإمام جمال الدين أحمد بن محمد بن محمد- (و) عرف بمذكويه القزويني بقراءتي عليه بها في الخانقاه المكي الامامي رحمة الله [على] بانيه ضحوة يوم الأحد الثاني من شهر ذي القعدة سنة سبع وثمانين وستمائة- قلت له: أخبرك الشيخ ضياء الدين عبد الوهاب بن علي بن علي المعروف بابن سكينة إجازة؟ قال: نعم قال: أنبأنا الشيخ الإمام جمال السنة أبو عبد الله محمد بن حمويه الجويني قدس الله روحه إجازة؛ قال: أنبأنا إسماعيل بن عبد الغافر، قال أنبأنا السيد أبو المعالي اسماعيل بن الحسن الحسيني قال: أنبأنا الشيخ أبو سعد أحمد ابن محمد بن أحمد بن عبد الله الهروي الكوفي قال: أنبأنا موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام) قال: أنبأنا أبي عن أبيه عن جده جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم قال:
قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى على محمد وعلى آل محمد مائة مرة قضى الله تعالى له مائة حاجة (1).
صفحه ۲۸
فضيلة ما حظي بها أحد من الأنبياء ومنقبة تستصغر في جنبها جميع الأشياء:
7- أنبأنا الإمام نجم الدين عثمان بن الموفق، والشيخ مجد الدين عبد الله ابن محمود رحمهم الله قالا: أنبأنا الشيخ المسند رضي الدين المؤيد بن محمد بن علي إجازة؛ قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي إجازة قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (1). أنبأنا أبو بكر ابن الحارث الفقيه، أنبأنا علي بن عمر الحافظ أنبأنا أبو بكر النيسابوري أنبأنا أبو الأزهر، أنبأنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد أنبأنا أبي عن ابن إسحاق قال: وحدثني في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم- إذا المرء المسلم صلى عليه في صلاته- محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري أخي بلحارث الخزرجي:
عن أبي مسعود الأنصاري عقبة بن عمرو قال: أقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن عنده فقال يا رسول الله: أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلواتنا؟ قال: فصمت رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أحببنا ان الرجل لم يسأله ثم قال: إذا صليتم علي فقولوا:
اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلي آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
قال علي (بن عمر الحافظ) هذا الإسناد حسن متصل.
8- وبهذا الإسناد إلى الإمام أبي بكر أحمد البيهقي الحافظ قال: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ. أنبأنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، أنبأنا
صفحه ۲۹
يحيى بن بكير، أنبأنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن يحيى ابن السباق عن رجل من بني الحارث:
عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا تشهد أحدكم في الصلاة، فليقل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد وترحم على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
صفحه ۳۰