کتاب الفرائد در معرفتِ الواحد حی
كتاب الفرائد في معرفة الحي الواحد
ژانرها
من أن تعظيمه للشفيع وبهذا أيضا أخرج عن قولك أنه لا يدخل الجنة مكلف متفضلا عليه إجماعا وخلافه فسق ولا أتيت تعظيم من لا يستحق التعظيم وهو قبح لأني قلت يدخلها مجللا معظما واليوم أن يشفع الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- فمن شفع له من جملة ثوابه لقوله تعالى بعد أن حثه على نوع من الطاعة [ ] { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } (1) والمقام المحمود هو قبول الشفاعة فتوعده [ 19أ -أ]بها بعد أن أمره بها فغلب كونها من جملة الثواب، فإن قال فجوز الصبي أن يشفع للمشرك وقال قد تقدم من كلامي ما يدل على أني أمنع والدليل على امتناعه أن الباري تعالى قد نص على أنه لا يغفر هذه المعصية وما كان لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ليشفع لمن أعلمه الله تعالى لا يغفر له (ط)وذلك حيث قال تعالى [ ] { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } (2) وهذا نص على ما ذكرت ثم إني أقول لك لا يمكنك حمل هذه الآية على ما ذهبت إليه لأن غاية ما يقول أنه يريد بقوله لما شاء أهل الصغائر هذا مصادقة الآية بخلاف ما تجيب عليه إذ قوله [ ] { ويغفر ما دون ذلك } (3) حق بعلمه كل من يفهم الخطاب على دخول كل معصية سواه وليس بأن نقول قد خصصت بقوله أن تخصصها (كبائر ما ينهوا عنه) أولى من أن أقول قد تخصصت نجبك بهذه الآية لما قد بينت في أن ترجح الوعد أولى من ترجيح الوعيد فتأمل هذا بحده حقا وصحا لا ريب فيه ثم إني استنصر بقوله تعالى:[ ] { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات } (1) أقول ألم يجدوا القبول بإسقاط ذم وعقاب، فحينئذ يكون بمعنى يقبل نسفا العقاب بعد التوبة فكما يكون معنى (يعفوا) إذا اشترطتم العفو حصل بالتوبة، ولا محل لكم عن أن تقولوا معنى (يعفو) يسقط العذاب فيكون معنى آية نسفك العقاب مع التوبة ويشفع مع التوبة على مذهبكم وعلى مذهبي سقط العقاب مع التوبة وسقط بالشفاعة مدبرا، ولما رفع بإسناد صحيح إلى ابن عباس (2) رضي الله عنه أن فاطمة (3) -عليها السلام- قالت لأبيها -صلى الله عليه وآله وسلم- ((يا إبتي أين ألقاك؟ قال: تلقيني على جل الحمد أشفع لأمتي قالت: يا أبتي فإن لم ألقاك قال: تلقيني على الصراط وجبريل عن اليمين وميكائيل عن يساري وإسرافيل آخذ بحجزتي والملائكة من خلفي وأنا أنادي يا رب أمتي أمتي هون عليهم الحساب ثم أنظر يمينا وشمالا إلى أمتي وكل نبي يومئذ مشغول بنفسه يقول يا رب نفسي نفسي وأنا أقول يا رب أمتي أمتي فأول من يلحقني أنت وعلي والحسن والحسين ويقول الرب يا محمد أر أمتك لو أتوني بذنوب كأمثال الجبال لغفرت عنهم ما لم يشركوا بي شيئا ولم يوالوا لي عدوا))( ) وهذا نص بمقصد نص الآية المتقدمة لكن لا بد تقدير الشفاعة من قليل العقل بقوله أيضا [ ]((إن شفاعتي [19ب - أ]يوم القيامة لكل مسلم ))(1) يصحح الحديث الأول قوله -صلى الله عليه وآله وسلم- [ ]((ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله))(2) وهذا موافق لقول الله تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به) (3) الآية فعلم صحته وعلمي بعد ذلك الشفاعة للعاصين سواء من خصصهم -صلى الله عليه وآله وسلم- كالظالم الغشوم والمارق في الدين وناكح البهيمة ولماري الصدقة والمنكوح من الذكور نقول له هل امتناع الشفاعة عن هؤلاء ثابت وإن كانوا فالمعلوم من مذهبكم خلافه؟.
صفحه ۷۸