فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
فرح أنطون: حياته – أدبه – مقتطفات من آثاره
ژانرها
وليس من غرضنا الآن تبيان وجوب تربية النساء، فإن ذلك أصبح أمرا مسلما به، وإنما نود أن نشير إلى أصول هذه التربية.
ذلك أننا نرى أن كثيرين يحسبون أنه يكفي لتربية النساء حتى الرجال أن تنشأ المدارس، بصرف النظر عن حالتها؛ ولذلك تراهم قد نعموا بالا ورقصوا طربا كلما فتحوا مدرسة. وهذا الأمر فاش في مصر والشام وفي كل البلاد الشرقية. وسببه عدم معرفة الناس المهم من الأهم في مسائل التعليم والتربية. افترضوا أننا نفتح في القاهرة أو الإسكندرية أو بيروت مائة مدرسة كل يوم، أي أن يكون مجموع ما نفتحه في السنة 36500 مدرسة، ولم يكن في كل هذه المدارس الكثيرة واحدة تعلم تعليما صحيحا، وتربي تربية صحيحة، فما هي الفائدة منها كلها؟ فالأمر المهم إذا في التعليم والتربية حسن اختيار المعلمين الذين يعرفون كيف يغرسون المبادئ العظيمة في نفوس الطلبة، وحسن تأليف جدول الدروس (البروغرام)، الذي هو بمثابة «الدفة» من المركب؛ لأنه يوجه عقول الطلبة ونفوسهم إلى حيث يريد، والمعلم هو الربان الذي يدير هذه الدفة.
فعبثا تحاولون النفع من هذه المدارس كلها إن لم يكن فيها معلمون يفهمون معنى التعليم ومعنى التربية. وهذا الكلام يطلق على تربية الفتيان والفتيات معا، وقد أشرنا إليه هنا في عرض هذا البحث؛ تمهيدا لما نريد أن نقوله في هذا الموضوع.
وأول ما نقوله إن تربية النساء عندنا ناقصة، ويجب سد هذا النقص عاجلا، والنقص في أمرين؛ الأول: عدم وجود مدارس كافية لهن، وعدم إقبالهن على التعلم، والثاني: إصلاح مدارسهن الموجودة.
أما الأمر الأول، فليس من ينكر أهميته عندنا؛ ولذلك أخذ العاملون بفتح هذه المدارس تدريجا، على أن البحث في الأمر الثاني يتناول الأمر الأول؛ ولذلك نقول:
أولا:
ما هي وظيفة المرأة؟
الجواب:
إن وظيفتها أن تكون زوجة وأما؛ لهذا خلقت في هذه الحياة لا لأمر سواه، فتربيتها إذا يجب أن تعلمها واجبات الزوجية والأمومة.
وواجبات الزوجية نحصرها في أمرين؛ الأمر الأول: تدبير منزلها، فإنه من الواجب عليها ألا تدع خادمتها في المنزل تعرف من هذا الفن أكثر منها، ولا أن تعمل فيه أكثر منها. ومن دلائل شرف المرأة ونشاطها ومعرفتها واجباتها ألا تأنف من الأعمال البيتية، بل تسر بعملها، كما أنه من دلائل صغر العقل وإنكار الواجبات التنازل عن تلك الأعمال كلها إلى الخدم لغير ضرورة لا بد منها. ولا يخلو من فائدة أن تعلم المرأة أن عظمتها متوقفة على نظام منزلها وحسن حاله وحال الساكنين فيه، فإن هذا المنزل هو مملكتها الصغيرة، فماذا يقول العقلاء في ملكة تهمل مملكتها، أو تتكل على غيرها في إدارتها وتدبيرها؟
صفحه نامشخص