، وفيزاري
Vesari ، ولكن على أي تقدير فإن «النهضة الكلاسيكية» تقع بين العلو الروحي لأوائل القرن الثاني عشر والمادية الوطيدة لأواخر القرن السادس عشر، وأيما شيء حدث فإنما حدث بين هذين التاريخين، وكل ما حدث بالفعل لا يعدو أن يكون تغيرا من رجولة متأخرة إلى شيخوخة مبكرة مضاعفة بانتقال لمنزل آخر، وجالبة معها هوايات وحرفا جديدة، الانحدار من القرن الحادي عشر إلى السابع عشر مستمر ويتوقع، أما التغير من عالم أوريليان إلى عالم جريجوري الأكبر فكارثي، منذ «النهضة المسيحية». ورغم الأفكار والمعرفة الجديدة، فقد أفسد العالم بالاحتشام والنظام، ولزمه أكثر من إعادة اكتشاف النصوص الإغريقية والتماثيل الإغريقية-الرومانية لكي تثار الجوائح والزلازل التي ردته شابا.
كان فن «النهضة العالية» (ذروة النهضة)
High Renaissance
مكيفا بمطالب رعاته، ولا غرابة في ذلك؛ فهو مرحلة معروفة في مسيرة الانحدار، كان رعاة «النهضة» يريدون كثيرا من الجمال من الصنف المفضل لدى السماسرة السريعي التأثر، إلا أن بلوتوقراطيي القرن السادس عشر كان لديهم ذوق رقيق وحساس قمين بأن يجعل منازل وطرائق السماسرة المحدثين غير محتملة بالنسبة لهم. قد يكون مليونيرات «النهضة» سوقيين غلاظا ولكنهم كانوا سادة عظاما؛ فهم ليسوا أوغادا أميين، ولا بيوريتانيين فضوليين، ولا حتى مخلصي مجتمع، غير أننا إن شئنا أن نفهم الرواج المذهل لنساء تيتيان وفيرونيز
Veronese
يتعين علينا أن نلاحظ عذوبة مقبلهن ورغبتهن الواضحة في أن يقبلن، هذا الجمال الذي يمكن أن نستبدل به كلمة
desirableness «مرغوبية»، وهذا الجمال غير الدال الذي هو جمال الجواهر، كان مطلوبا بشدة. المحاكاة أيضا كانت مطلوبة؛ فإذا كان على الصور أن تسرنا بوصفها اقتراحات أو تذكارات، توجب للأشياء التي تقترح أو تذكر أن تصور بإتقان، تعين على هذه الصور أن تثير انفعالات الحياة أولا. أما الانفعال الإستطيقي فكان أمرا ثانويا، كان المقصود من لوحة «النهضة» أن تقول بالضبط تلك الأشياء التي يود الراعي أن يسمعها، وفي هذا الطريق تكمن نهاية الفن. قد يكون من الخبث أن تحاول أن تصدم الدهماء، ولكن الأخبث منه أن تحاول إرضاءها. ولكن بغض النظر عما اضطر مصورو «النهضة» أن يقولوه، فقد قالوه بالطريقة الرفيعة، تذكر أننا لسنا هولنديين؛ لذا دع كل صورك توعز بالانفعال المناسب بواسطة الإيماء المناسب؛ الإيماء الذي يكرسه التقليد العظيم، أطراف مشدودة، سيماء الحب والكره والحسد والخوف والرعب، أعين تشخص لأعلى أو تغض لأسفل، أياد مبسوطة أو مقبوضة في يأس؛ فبواسطة عدتنا الرائعة، ومهارتنا الأروع، يمكننا أن نقدم لهم كل ما يطلبونه دون إحباط الفوتوغرافيين. غير أننا لسنا جميعا رواة؛ فبعض رعاتنا شعراء، العالم المرئي عند هؤلاء لا يوحي بحالات مزاجية أو، على أية حال، يتعاطف معها. هؤلاء يقدرون الأشياء لارتباطها بهزل الحياة وحماقتها وعاطفتها الرومانسية، ولهؤلاء أيضا نحن نرسم صورا، وفي صورهم نحن نضفي على الطبيعة من الإنسانية ما يكفي لجعلها شائقة: سيدي الراعي فاسق؟ سيمنحه كوريجيو
Correggio
خلفية لمزاجه، سيدي جليل؟ سينبئه مايكل أنجلو أن الإنسان حقا حيوان نبيل عضلاته متمعجة بشكل بطولي مثل زنبركات الساعة. أنتج القرن السادس عشر جنسا من الفنانين متميزا من حيث شعورهم بالجمال المادي، ولكنه عادي، يجيء حيث هو عند قدم التلال، من حيث حرفيتهم التقنية وفقرهم الإستطيقي. البراعة الحرفية تمسك الشمعة التي تفضح خواء الخزانة، الدلالة الإستطيقية للشكل لا تحس إلا إحساسا واهنا وغير خالص، والقدرة على خلقه مفقودة تقريبا، غير أن الأوصاف الأدق قلما تم تصويرها. لقد عرفوا كيف يصورون في القرن السادس عشر، أما عن البدائيين - باركهم الله - فقد بذلوا وسعهم، ماذا كان بوسعهم أكثر من ذلك وهم لا يقدرون حتى على تدوير فخذي امرأة؟
صفحه نامشخص