الناموس الأول:
أن القوة تتحول من شكل إلى شكل؛ فالقوة الكيمياوية الكامنة في الوقود تتحول إلى حرارة تدفع السفن والقطارات والسيارات ... إلخ. والقوة الكامنة في أطعمتنا تتحول إلى قوة عضلية، وقوة حرارة الشمس ونورها تتحول في النبات إلى قوة كامنة تظهر في الوقود والطعام المشار إليهما آنفا، وقس على ذلك. فبحسب هذا الناموس القوة لا تفنى بل تتحول من شكل إلى شكل، ولأن هذا الناموس شامل جميع الأجرام يلزم عنه أن القوة الموجودة في الأجرام جميعا لا تفنى، وكيفما تحولت تبقى قيمتها كما هي، فلو جمعت القوات التي تشععت وتوزعت في الفضاء إلى القوات الباقية في الأجرام لساوى مجموعها مجموع القوات التي كانت في السدم منذ تكونت الأجرام.
وقد يلوح للقارئ كما لاح لكثيرين أن هذه القوات المتشععة في الفضاء يمكن أن تتألف من جديد سدما على التو تتولد منها أجرام جديدة، وهكذا يبقى الكون في استمرار إلى الأبد ... ولكن ناموس القوة الثاني يتدارك هذا الظن.
الناموس الثاني:
القوة غير قابلة للفناء من حيث كميتها، ولكنها قابلة للتحول من شكل إلى شكل كما تقدم القول، على أن هذا التحول الذي هو نواة الناموس الثاني يتخذ اتجاها واحدا فلا يرتد إلى اتجاه معاكس له. وتسهيلا لتفهم هذا القول نعبر عن الاتجاه بالانحدار من أعلى إلى أدنى؛ فالقوة إذا نزلت من أعلى إلى أدنى في تحولها لا تعود تصعد من أدنى إلى أعلى.
مثال ذلك: النور والحرارة هما شكلان من أشكال القوة «بل هما الشكلان الرئيسيان»، فقدر معين من النور يمكن أن يتحول إلى قدر مساو له من الحرارة، ولكن هذا القدر نفسه من الحرارة يستحيل أن يتحول إلى قدر مساو له من النور، بل إلى أقل، والباقي يشع أمواجا في الفضاء. هذا مثل خاص لقاعدة عامة، وهي أن القوة المتشععة
Radiating
تميل دائما إلى التحول من أمواج قصيرة إلى أمواج أطول - إذ لا يخفى عليك أن الإشعاع يحدث في شكل أمواج. مثال ذلك: التألق
Fluorescence
يزيد موجة النور طولا، فالمادة المتألقة - أو التي يحدث النور العابر فيها تألقا - كبعض الأحجار الشفافة أو كزيت البرافين مثلا، تمتص أشعة النور من جهة وتبرزها من جهة أخرى أطول أمواجا، يدخل النور في سائل البرافين أبيض فيخرج أزرق، ولو أدخلت فيه نورا أزرق لخرج منه أخضر أو أصفر؛ فالتألق يحول النور الأزرق إلى أخضر فأصفر فأحمر «والأحمر أطول الأمواج»، ولكنه لا يحول الأحمر إلى أصفر فأخضر فأزرق «وهو أقصرها موجة».
صفحه نامشخص