مقدمة
تمر الايام وتتوارى الاجيال ، فيكتب التاريخ خلال ذلك صحفا خالدة ، هي مرآة للحوادث الاجتماعية العظيمة ، مرآة ترين البعيد من هذه الحوادث كالشبح الزائل ، وتعطينا عن الاقرب منها صورة أشد وضوحا ، حتى نخال البعيد عنا جامدا غريبا ، ونرى القريب الينا مثالا حيأ لما يجري امامنا ولما يدور حولنا .
وبرعم ذلك ، فان بين هذه الخوادث التاريخية المتباعدة صلة توبطها فيما بينها ربطا وثيقا ، وتجعلها تسير مع الزمن سير دريجيا متوازنا . فتصبح هذه الصلة تيارا ، يكاد يكون ظاهرا على ممر الدهور والعصور ، تيارا يربط الماضي بالحاضر ، والقديم بالجديد .
وهكذا نحن اذا أردفا درس الجديد لم يسعنا الا تفهم القديم وتفهم أسباب تطوره . واذا قصدنا الى درس القديم كان لا بد بنا من مقارنته بالجديد ومن معرفة اسباب نشوئه ووجوده .
ومن الحقائق التاريخية التابتة ان مظلهر الحياة الاجتماعية متغيرة بتغير الازمنة والامكنة . ولما كانت الشرائع والاحكام مظهرا من هذه المظاهر ، تتأثر بتلك الحياة تأثرا بينا ، وتؤثر فيها آتار واضحة ، آدركنا سبب اختلاف الشرائع باختلاف العصور والبلدان
صفحه ۶
و أدر كنا سبب تلومنها بصبغة الامم والاجيال الخاصة ، تبعا لعاداته وتقاليدها ، وأميالها ونزعاتها.
على أن هذه الشرائع المختلفة المتباينة تتقارب من أوجه عديدة .
ذلك لأنها تتقارب في أسباب وجودها ، وفي العلل التي ترتكز عليها . فمن ثم نستبين بين الشرائع جميعا ، اذا ما وضعت على بساط المقابلة والمقارنة ، شبهأ الى جانب التباين وموافقات الى جانب الفروق.
فاختلاف القوانين وتشابهها ، قديأ وخديثا ، أوحيا الى كاتب هذه السطور الفكرة الاولى لتصنيف هذا الكتاب . وهو ليس الا مقدمة وجيزة في دراسة التشريع الاسلامي على ضوء المذاهب المختلفة وضوء القوانين الحديثة .
وقد بذلت الجهد اثناء ذلك في أن أعتمذ على المراجع الصحيحة الموثوق بها ، وفي أن أنتقي منها ، اذا تعددته ، أقدمها، ومن ثمد أقربها الى مصادرها الاولى . ومعلوم أن معظم هذه الماقب ، ان لم أقل جميعها ، مطبوعة طبعا قديا متلاصقا ، على ورق أصفر رخيص . هنه الى ما فيها من الحواشي والهوامش .
فكان من نتيجة ذلك آن صعبت مطالعتها ، وأورثت في بعض الناس ضجرا وسأما ، فتركوها أو هجروها متأثرين بالشكل الخارجي دون الجوهر الحقيقي .
فأنا خالفت هؤلاء ، وعشقت الكتب الصفراء.، وأفخر : بأنت أكون من عشاقها ، لأنها تخزن من الكنوز الفكرية منا يفوق التقدير ، ولأنها تحوي ثمرة الجهود الجبارة التي قام بها الاسلاف في
صفحه ۷
هذا الميدان ، وزبدة الافكار القيمة التي تركوها .
وان غايتي الاولى من هذا الكتاب أن أبيض ما استطعت من الدفائن الصفراء ، وأن أظهر منها ما تمكنت ، ثم أن أضع م آستخرجه امام ما يقابله من الآراء الحديثة ، . موضحا أوجه الوفاق وأوجه الخلاف فيما بينها ، مع حجج المؤيدين والمخالفين لكل مسن هذه الآراء . وقد سعيت. في غالب الاحيان ان اعرض ما توصلت اليه مع مصادره دون ان اذهب مذهبأ معينأ ، او ان افاضل بين رأي وآخر ، تاركا الامر في ذلك الى القاريء الكريم او اليى غيري من الباجثين وارجو أن أتوصل بذلك الى ايضاح وجهة النظر الاسلامية في التشريع الى الاجانب والى المثقفين بثقافتهم ايضاحا حقيقيا و أرجو أن أتوصل الى ازالة ما تركه بعض الناس في الاذهان من آثار التشويش والتدجيل . وقد كان من هؤلاء طائفة مسن المستشرقين ومن نحا نحوهم من المتطفلين وأسباههم ، عودونا الكتاية ي مواضيع لا يحسنون لغتها ، أو لا يعزفون مراجعها الاصلية .
فالحقائق العلمية الثابتة لا يغتفر طمسها آو تشويهها ، مهما كان الباعث على ذلك ، سواء أكان السهو أم التسرع أم قلة التدقيق أم الجهل أم التغرض أم المزاج من هذه البواعث جميعا .
و أرجو أن أتوصل ايضا الى تقريب الاسلوب القانوني الغربي الى المطلعين على الشرع الاسلامي ، خصوصا على مجلة الاحكام العدلية ، والى بيان الموافقات والفروق بين الطريقتين ، ما استطعت الى ذلك سبيلا .
صفحه ۸
هذه ، على الجملة ، هي الغاية التي قصدت اليها غند تآليف هذا الكتاب . فاذا بلغت بعض ما قصدت اليه ، كنت سعيدا بهذ التوفيق." وما اوتيتم من العلم الا قليلا" ..
بواقد اعتاد غيري من المؤلفين تصدير مؤلفاتهم بالاعتذار عما قد يجدة القارىء فيها من خطأ أو سهو . على ان اعتذارهم هذا اذ كان أحيانا من نوع اظهار التواضع ، فليس هذا شاني على كل حال . واني أراني أشد منهم حاجة الى: طلب المعذرة والحلم عن مواضع الخطأ أو النقصان في هذا الكتاب .
و أخيرا ، لا بد من التنبيه الى أمر . وهو آن هذا الكتاب ليس الا مقدمة . أرجو أن أتبعها ان شاء الله بكتاب آخر 1 ، يبحث في "التظرية العامة للعقود والموجبات في الشريعة الاسلامية عل ضوء المذاهب المختلفة ، خصوصا المذهب الحنفي وباقي المذاهب السنية ، وعلى ضوء القوانين المدنية الحديثة ، واخص منها القوانين البنانية والانكليزية والفرنسية . والله ولي التوفيق في البداية والنهاية .
بيروت في اول تشرين الثاني سنة 1945 .
صبعي ربب ححصاني هه
(1) هو الان قيد الطبع ، ويقع في جزئين م
صفحه ۹
-1 -11
الباب الاول
لسنا في معرض يسمح لنا بتعداد النظريات التي تبحث في اصل المجنمع ، ولا ببيان فساد قول روسو وامثاله ان الانسان كان في البده يعيش منفردا " على الطبيعة "1 ، وان المجتمع تكون بنتيجة عقد اجتماعي بين افراده . بل نكتفي بتدوين الرأي السائد عند علماء الاجتماع اليوم . وهو ان الانسان اجتاعي بطبعه ، وان الحياة الاجتماعية لازمة له .
وبديهي ان تستتبع هذه الحقيقة ضرورة وجود الشرائع في المجتمع ، لتكون محكمة بين افراده . ذلك لان الحياة الاجتماعية توجب على هؤلاء التعامل المتبادل ، وتولد العلاقات المختلفة فيم بينهم ، وتورث المنازعات التي تنشأ من هذه العلاقات . فكان ل بد من قواعد تحدد حقوق كل فرد بالقياس الى حقوق الآخرين ، وتكون من ثم وازعة للنزاع والشقاق .
وقد تبنت مجلة الاحكام العدلية هذا الرأي . ويلاحظ القارىء
صفحه ۱۰
هنا ، كما سيلاحظ في محلات اخرى ، ان المجلة تعرضت لآراه ظرية قلما توجد في مهوظت الاحكمام الحديثة . فقد نصت في مادتها الاولى على :" امن -الانستان،، تمن حيث انه مدني بالطبع لا يمكن ان يعيش على وجه الانفراد كسائر الحيوانات . بل تاج الى اليعاوه والتارك ببسط بساط المينيةمه والحال ان كل سخص يطلب ما يلائه ويغضب على من يزاحمه . فلاجل بقاء العدل والنظام بينهم محفوظين من الخلل ، يحتاج الى قواني مؤيدة شرعية" .
وان المدني ، كما ترى من تفسير المادة نفسها ، معناه من ل يعيش على وجه الانفراد. وهو يشمل الحضري والبدوي معأ لا الاول فسحب ، لان كليهما اجتماعي بطبعه ، يعيش مع غيره ويتعاون معه في الحياة1 .
وقد أوضح ابن خلدون هذه الحقيقة بقوله : " ان الاجتاع الانساني ضروري . ويعبر الحكماء عن هذا بقولهم الانسان مدني بالطبع ، أي لا بد له من الاجتماع الذي هو المدنية في اصطلاحهم ، وهو العمران ... وان الواحد من البشر غير مستقل بتحصيل حاجاته في معاشه ... وان البشر لايمكن حياتهم ووجودهم الق باجتاعهم وتعاونهم على تحصيل قوتهم وضروراتهم . واذا اجتمعو دعت: الضرورة الى المعاملة واقتضاء الحاجات ومددكل وأحد منهم يده الى حاجته يأخذها من صاحبه ، لما في الطبيعة الحيوانية من
(1) هذا يعارض ما جاء في شرح المجلة للاستاذ المخاستي (ج نضنعه) من ان كلمة مدني معناها لا بدوي
صفحه ۱۱
الظلم والعدوان بعضهم على بعض ، ويمانعه الآخر عنها ... فيقع التنازع المفضي الى المقاتلة ... فاستحال بقاؤهم فوضى دون حاك يزع بعضهم عن بعض"1 ..
ومن يتتبع التاريخ ويرجع الى العصور الأولى ير هذه القوانين " المؤيدة للعدل والنظام " ممزوجة بعادات القبائل الموروثة ، ويلمس انها لم تكن منفصلة عن باقي العادات الاجتماعية من دينية واخلاقية وغيرها .
وهذا المزيج بين العادات القدية جميعا حقيقة تاريخية مقبولة عند الباحثين في تاريخ الشرائع ، كماين الانكليزي" ودهكولانج الافرنسي . وقد بحث فيها هؤلاء وعززوها بالشواهد الماخوذة من اريخ الهنود القدماء واليونان والرومان وغيرهم من الامم القديمة ، واثبتوها بوجه كافر يدخض راي المعنارضين ، امثال الكاتب الانكليزي دياموند .
وقد ابتدات تلك العادات. بسيطة بتاثير بساطة الحياة الاجتماعية وكان تنفيذها حينذاك يزتكن على الزأي العام في القبيلة وعلى سلطة رئيسها المعنوية ، واحيانا ايضا على قوة الأفراد وفاقا لقاعدة
(1) مدمة ابن خلدون ، المطبعة البهية ، مصر، ص 35 و314 و163-162.
(3) في كتابه "القانون القديم : 622 - 6d00a6f 141d66 644 1440 (ب4) : في كتابه "المذينة القدية * ...
14d65.) ل 4444d86 4a 61 تا147) ) انظرلكتابه قانون العصور الاولى * لندن ، 130..
(1140d0d/5 424d117a 1-4a ر ونقد هذا الكتاب في المجموعة السنوية للقانون الانكليزي لعام 1935، ص15، ر 44 611 6)
صفحه ۱۲
الحق للقوة .
على ان الامر تغير بتقدم الحضارة . فكثرت العلاقات بين الناس ، واصبحت متشابكة معقدة . فمسست الحاجة اذ ذاك الى القوانين الواضحة لأجل صون الحقوق . ثم انفصلت هذه القوانين عن العادات الأخرى وخلفت الدولة رئيس القبيلة ، واخذت هي سهر على تنفيذ القوانين بمحاكمها وقوتها الاجتماعية .
معنى اقانون
ان كلمة القانون يوفانية الاصل1 ، دخلت الى العربية عن طريق السريانية . وكان استعمالها في الاصل بمعنى المسطرة ، ثم صار بعنى القاعدة . وهي اليوم تستعمل في اللغات الاوروبية بمعنى الشريعة الكنسية3 .
ومعنى القانون في لغة العرب " مقياس كل شيء " ، . ومنه اخذ التعبير العام ، الذي يطلق على كل قاعدة كلية الزامية
a 81 راجم الموسوعة الاسلامية تحت كلمةa (1ر (416 2 114aلa (2) جاء في تاج العروس (ج9 ص 345) ان كلمة قانون رومية (يوتانية) ه او فارسية * وجاء في حيط المحيط انجا من السريانية * والخقيقة انحا من اليونانية وان اللغة العربية اخذقا كغيرها ايضامن الكلمات اليونانية عن طريق اللغة السريانية . 101f. 481مd46 3) () قاموس لسأن العيب لابن منظور (ج ص 429) ، وقامون المحيط ب الفيروزبادي (ج 2 ص 269) . وتطلق هذه الكلمة ايضا على نوع من آلات ت الطبب الشرقية
صفحه ۱۳
المتفق عليه منها اربعة : القرآن الكريم والسنة والاجماع والقياس على ما سيأني بيانه في باب لاحق .
اما الخكم الشرعي ، فهو" خطاب الشارع المفيد فائد شرعية "1 . وبعبارة آخري ، هو عند الاصوليين ما خاطب به الشارع الناس المكلفين من طلب ، او تخيير ، او وضع ، يتعلق بافجاللهم . وهذا ، كم ترى ، تعريف ليس ببعيد عن تعريف القانون بعناه الخاص الذي اوضحناه . فلذا قيل في القاعدة الكلية الواردة في كتاب المجامع ان " الحكم يراعى في الجنس لا في الافراد"2، اي انه عام كالقانون ، لم يوضع لفرد معين آو لحالة خصوصة .
وان الحكم الشرعي يفترض وجود الحاكم والمحكوم فيه والمحكوم عليه . فالحاكم معثاه الشارع ، وهو الله عز وجلى ، لانه مصدر الاحكام الاول في الشرع الاسلامي . والمحكوم فيه هو الفعل الذي يتعلق به الحكم الشرعي . والمحكوم عليه هو الانسان المكلف بالحكم الشرعي . ويشترط ان يكون هذا عاقلا اهل التكليف . وثمة عوارض تؤثر على اهلية التكليف . وهي ام ماوية تقع دون اختياز الالسان ، كالصغر والجنون والعته والنوم والمرض والموت والنسيان ، واما مكتسبة بفعل الانسان ، كالسكر و الهزل والنسقه والتبذير والخطأ والجهل والسفر والاكراه : ثم ان الحكم الشرعي نوعان : تكليفي ووضعي . فالتكليفي
(9) الاحكام في اصول الاحكام للامدي، ج1 ص49 .
(2) مجامع الحقائق (لابي سعيد الخاهمني) وشرحه منافع الدقائق (لمصطفى بن مد الكوزلحصاري) ، الاستانة ، 1308*، ص19م : :
صفحه ۱۴
هو ما كان اثره يتعلق بالاقتضاء والتخيير . وتقسم الافعال من هذه الناحية الى واجب ومندوب ومباح ومكروه وحرام . فالواجب هو المطلوب فعله شرعا مع الذم على تركه . ثم الحرام هو المطلوب تركه شرعا مع الذم على فعله . ثم المندوب هو المطلوب فعله شرعا من غير ذم على تركه مطلقا . ثم المكروه هو المطلوب تركه من غير ذم على فعله . واخيرا المباح هو ماكان المرء مخيرا فيه بين الفعل والترك من غير بدل 1 . مثلا الآية الكريمة " واحل الله البيع وحرم الربا "2.، فالبيع حكم تكليفي مباح ، والرب حكم تكليفي حرام او محظور ، وهكذا .
اما الحكم الوضعي ، فهو ماكان موضوعا كسبب أو شرط أو مانع للافعال ، او مايترتب على هذه الافعال من صحة او بطلان او رخصة او عزيمة . وامثلة توضح ذلك : يقال ان القتل سبب القصاص ، ومعناه ان القصاص هو الحكم الوضعي لفعل القتل ، لانه سبب له . وكذلك ، يعتبر تسليم المبيع شرطا في عقد البيع ، لانه من شروط ايفاء العقد . ويعده خيار العيب في المجلة مانعا من لزوم البيع ، لان العيب في المبيع ، أي الصفات التي تنقص قيمته ، لما كانت تعطي المشتري حق فسخه في تمنع من اعتبار البيع لازما . ثم ان بيع الراشد صحيح وان بيع المجنون باطل ، فأذنء حكم الاول الوضعي هو الصحة وحكم الثاني البطلان . ثم من امثلة الرخصة الضرورات ، فحكمه ## | (1) الاحكام للامدي ، ج 1 ص 064-50 (2) البقرة (2) 225 ..
صفحه ۱۵
الترخيص واباجة المحظورات . واجيرا ، العزيمة هي ما جوز في الاصل من الاحكام ، كما برى في العقود المشروعة مثلا .
نعرف علم الففه
الفقه لغة الفهم ، ومنه الآية البكريمة " وتطبع بعلى قلوبهم فهم لايفقهون"1 . اما اللصطلاج ، فقد خص بالفقه علم الشريعة وسمي العالم به فقيها2 .
وبتعريف مجلة الاحكام العدلية في مادتها الاولى: " الفقه علم بالمسائل الشرعية العملية" . ولكن تعريف الفقهاء جاء اتم من هذا التعريف . فالفقه عندهم هو " العلم بالاحيكام الشبرعية الفرعية المكتسب من ادلتها التفصيلية " 3 . وهاك شرح التعريف : اولا - الفقه " علم* : نعم استعمل الفقهاء اجيانا كلمة العلم بعنى الفهم والمعرفة . ولكن لاريب ايضا في انهم درسوا الفقه على مانه ذو موضوع خاص وقواعد خاصة ، بوجه نستبين منه آنهم اعتبروه علما بالمعنى الذي نعرفه اليوم . وهذا موافق للرأي الحديث السائد4 ، برغم وجود شيء من التردد في قبول ذلك عند البعض
(8) سورة التوبة (9) 47ه.
(22) البجير .الرائق شرحكتر الدقائقي لابن نجيم (ج 1 يص 3)، نقلا عن الصحاح وضياء الحلوم ز3) الدرم المختار للحصكفي، ج 1ص.
ب (4) راجع مثلا بلانيول (القانون بالمدني ، باريس ،1922، ج1 رقم 3).، واوستن(يفي تتابه ,d41,aل .d601,a/611و 2dd61d6، لندن، 1940 04a2r. صه3) ، وكيتون ( في كتابه المبادى مبالاولية في غلم الجقوق ،0223b2dd6dل 24,a6, اندن، 130ص 1 وما بعدها)ه
صفحه ۱۶
من رجال القانون1 . ويعود سبب التردد الى موضوع هذا العلم الذي يتلوسن بالآراء الاجتماعية ، ويتأثر بظروف البيئة وبمظاهر الحياة الانسانية . فلهذا اعتبره بعض القدماء فنا ، وهكذا عرفه سلسوس الروماني بانه " فن العدل والانصاف"2 .
ثانيا - الفقه علم " بالاحكام الشرعية، : لقد م معن تعريف الحكم الشرعي ومعناه . اما كلمة" الفرعية " فيقصد بها ان الاحكام الفقهية تتعلق بالمسائل العملية الناتجة من افعال المكلفين في معاملاتهم اليومية . ولذا سميت احكام هذه المسائل بالفروع لتفريقها عن الاصول ، وهي الادلة الشرعية موضوع علم اصول الفقه الذي بيناه .
ثالثا - زاد الفقهاء على تعريف المجلة ان علم الفقه" مكتسب من ادلة الاحكام التفصيلية" . اذ ان الفقيه عليه ان يسند الاحكام الى ادلتها ومآخذها بالنظر والاستدلال . وقد قيل في القواعد الكلية المذكوزة في المجامع : "الاسباب مطلوبة للاحكام"3.
الفقه لاإسلامي
ان الشريعة او الشرع عند المسلمين هو ما شرعه الله تعالى (1) طالع مثلا خطاب اللورد زايت في جامعة لندن بتاريخ * تشرين الاول سنة 1934 ، المنشور في مجلة القانون الفصلية لسنة 168 ص 184 ر 646 6212 (22) رواه عنه يوستنيانوس في صدر مجسوعه الديجستا: 0162d مa 141d00: d4لa613 ال و ال25f 45 61 260 6مي . 014 (3) انظر الامدي (ج1 ص 6) ، والمجامع وشرحه المنافع (ص 319).
صفحه ۱۷
على لسان نبيه (ص) ، كما جاء في الآيات الكريمة : " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي اوحينا اليك وما وصين به ابرهيم وموسى وعيسى" . " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا " . " ثم جعلناك على شريعة من الامر فاتبعها ولا تتبع اهواء الذين لا يعلمون "1 .
فالشارع اذا هو الله ( عز وجل) وحده ، الذي انزل الشريعة الاسلامية بما فيها من دين ومن قضاء . فكان طبيعيا ان ييحث علم الفقه او علم الشريعة في العبادات وفي المعاملات جميعا وان يعد الاصوليون هذا العلم من العلوم الدينية . وكان طبيعيا ايضا ان ترتبط امور المعاملات بالدين في اصولها وماخذه و في احكام التفسير والاجتهاد ، وما الى ذلك من مناهج التفكير والتحري والاستدلال .
ولقد قدمنا ان احكام المعاملات كانت عند الامم القدية ختلطة بباقي العادات الدينية والاجتماعية . ولكن انفصال القانون عن الدين تدرسج شيئا فشيئا في الغرب، حتى اصبح تاما منذ م عصر ازدهار الامبراطورية الرومانية ، وحتى اصبح القانون اليوم لا يتعلق الا بالامور المدنية المحضة ، واصبح علم القانون مختص بالحقوق الدنيوية الوضعية3 .
(1) الشورى (42) 93، والمائدة (5) ه4، والجائية (45) 018 (4) المستصفى للغزالي ، ج 1 ص 04 (3) لذلك يستغرب التعريف الوارد في بدء كتاب الاحكام ليوستنيانوس ( 1 10) بان علم الحقوق هو العلم بالامور الدينية والدنيوية : d4 624 d9241d 41dd6 12d0b40/0d 2640a 4aل 4
صفحه ۱۸
08 انا والحاصل ان الشريعة الاسلامية شريعة الهية بمصادرها واحكمامها.
وان القانون المدني يبحث في المعاملات وحدها ، ويستمد اجكمامه من سلطة الدولة ؟ التي تسته وتعدله وتلغيه حسب الظروف لمصلاحية لديها .
اذ كان الفقه الاسلامي دينا وقضاء بآن واحد كما قدمنا ادركنا سبب تقيسيم مسائله الى قسمين حبيرين . اجدهما قبم العبادات وهو يتعلق بامور الآخرة ، من صلاة وزكاة وصيام وحج . وهو بجث جارج عن موضوع كتابنا هذا . والقسم الثاني يتعلق بامور الدنيا ، وهو ينقسم بدوره الى ثلاثة اقسام : العقوبات والمناكجات والمعاملات .
فقسم العقوبات يبحث في الجنايات والجرائم ، كالقتل والسرقة والزنا والثيبرب والقذف ، وفي عقوباتها ومتفرعاتها ، كالقصاص اال والحدود والديات .
ثم قسم المناكحات يشمل الزواج والطلاق وما تفرع عنهما ، كالعدة والنسب والنفقة والحضانة والولاية والوصاية والارث وغيرها .
ويسمى اليوم قانون الاحوال الشخصية او قانون العائلة .
:1 ب م قسم المعاملات اخيرا يبحث في الاموال وما يتعلق بها من ي حقوق وعقود ، كاحكام البيوع والاجارة والهبة والاعارة والوديعة و الكقالة . والحوالة وللشركة والصلح والغصب والاتلاف وما شابه1.
(5) قسم سنهم المسائل القية الى ثلاث : لعبادات والعاوربات والدأيدات.
م سوا مايل العامدت الي يتباكتحات ، وماوضات ماليه ، واماات ، وخامات .
راجع هامثي الفتاوي الانقروية ، بولاق) 1281ه ، ج ، ص 1..
صفحه ۱۹
وعلى هذا النحو مق التقسيم ، ورد في المادة الاولى من المجلة ان " المسائل الفقهية آما ان تتعلق بانر الآخرة وهي العبادات ، واها ات تتعلق بامر الدنيا وهي تنقسم الى ماكه ومعاملات وعقوبات . فان الباري تعالى آراد بقاء نظام هذا العالم الى وقت قددره . وهو انما يكون ببقاء النوع الانساني ، وذلك يتوقف على ازدواج الذكور مع الاناث للتوالد والتناشل ، ثم ان بقاء نوع الانسان انما يكون بعدم انقطاع الاشخاص . والانسان حسب اعتدال مزاجه يحتاج للبقاء في الامور الصناعية الى الغذاء واللباس والمسكن ، وذلك يتوقف على التعاون والتشازك بين الافراد ... فلاجل بقاء العدل والنظام بينهم محفوظين من الخلل يحتاج الى قوانين مؤيدة شرعية في امر الازدواج ، وهي قسم المنا كخات من علم الفقه ، وفي ما به التمدن من التعاون التشارك ، وهي قسم المعاملات منه ، ولاستقرار امو التمدن على هذا المنوال لزم ترتيب اخكام الجزاء ، وهي قسم العقوبات من الققه".
ومن يتصفخ الكتب الفقهية الاسلامية يجدها متشابهة في اسلوبها وتبويبها بوجه عام . قهي جميعا تبتديء بقسم العبادات . ثم تنتقل الى باقي الاقسام ، من عقوبات ومناكحات ومعتاملات ، فتبحث في ابوابها المتعددة على ترتيب يختلف . احيانا باختلاف المؤلفين ، ولكنه على ك اه على كل حال ليس فيه التفريق الواضح بين ابواب ، هذه الاقسام الثلاثة .
وكذلكه نجد في هذه التكتب فصولا بشتي تبحث في اصول
صفحه ۲۰
/154 المحاكمة ، كالدعوى والبينات والاقرار وحكم القاضي وآدابه وفي اليسير كاحكام الجهاد واختلاف الدارين والامان والغنايم والجزية ، وفيالعشر والخراج ، وفي الزق والعتاق ، وما الى ذلك
تقسم القوانين الوضعية الى قسمين كبيرين : قسم الحقوق الدولية وقسم الحقوق الداخلية .
فالاول ينقسم قسمين ايضا : احدهما القانون الدولني العام وموضوعه علاقات الدول فيما بينها في السلم والحرب. والثاني القانون الدولي الخاص ، وموضوعه مسائل " الجنسية" وتنازع القوانين المختلفة عند تطبيقها على الاجانب .
شم ان قسم الحقوق الداخلية ينقسم ايضأ الى عام وخاص .
فالقانون العام هو ما تعلق بالدولة وبعلاقاتها مع الافراد . ويدخل فيه : القانون الاساسي او الدستوري وهو يتعلق بتنظيم الدولة الاساسي ، والقانون الاداري ويتعلق بتحديد وظائف الدولة فصلا واختصاصها وعلاقاتها مع الافراد ، وقانون الجزاء او قانون العقوبات وهوريعين مجازاة الذين يعتدون على الراحة العامة والامن العام . وقد وضع قانون الجزاء في قسم القانون العام ، لعلاقة الدولة والحق العام في العقوبات ، وذلك باجماع العلماء في فرنس وبرأي معظم العلماء في انكلترا1 .
صفحه ۲۱
(9) خالف بعض العلماء الانكليز هذا الرأي ، فعدوا قانون الجزاء من ضمن القانون الخاص. ومن هولاء : اوستن ( في كتابه المشار اليه آنفا ، ص 392) ، وسالموند (في كتابه علم الحقوق 2dd4922a طبع لندن ، 1926، ص544)ه اما القانون الداخلي الخاص ، فيبحث في علاقات الافراد في بينهم . وهو ايضا على اقسام اهمها : القانون المدني ، وهو يشمل احكام الاحوال الشخصية والاموال والحقوق العينية والشخصية . ثم قانون التجارة ، وهو يبحث في معاملات التجار وامور التجارة .
شم قانون اصول المحاكمات ، وهو يحدد تنظيم القضاء واختصاصه وطرق تقديم الدعوى والمرافعات والاحكام وطرق تنفيذها . والى جانب هذه القوانين الخاصة توجد قوانين اخرى ، كقانون العمل وقانون الزراعة وغيرهما .
هذا بوجه التقريب هو التقسيم في القوانين الحديثة . وهو ، على الجملة ، تقسيم عملي مفيد ، يوافق الحاجات الجديدة ويناسب ضرورات الحياة الحاضرة ، ويسهل دارسة الاحكام القانونية .
صفحه ۲۲
الباب الثاني
لحمة تاريخية
الفصل الاول المذاهب الاسلامية
مربير السربعم ان العرب في الجاهلية ، اي قبل الاسلام ، كانوا يعيشون في جزيرتهم وما حوها عيشا بسيطا يكاد يكون فطريا . وكان جتمعهم مؤلفا من قبائل متغرقة لا يربطها سلطان مركزي وكانت القبيلة والعصبية القبلية اساس حياتهم الاجتماعية وكان الفرد يتمي الى قبيلته بالقرابة او بالتبني او بالحلف والموالاة ، فيتعصب ه و تحميه من كل اعتداء غزيب . وكان الغزو شائعا بين القبائل ، مع م يلحق ذلك من نهب الاموال واسر الرجال وسبي النساء والاسترقاق .
اما العائلة ، فكان نظامها متفككا والمراة كانت مهينة .
فالعادة اجازت واد البنات عند الولادة بسبب العار او بسلب القاقة.، واباحت تعدد الزوجات دون حد واباحت المتقة او الزواج الموقت ، واعطت حرية الطلاق للزوج دون قيد ولا شرط وحرمت النساء من حق الارث .
صفحه ۲۴
ونظام المعاملات عندهم كان عرفيا ، فالعرف اجاز عقود المبادلة والبيع والمزازعة والربا وغيرها ..
م به هذه بكلمة كانت حالة العرب لما تظهرت رسالة النبي العربي حمد بن عبد الله اص) سنة 610م . وبههذا ابتدا تاريخ الشريع الاسلامي1. فكان الكتاب ايالقرآن الكريم المصدر الاساسي له، وكانت مدة تنزيله اثنتين وعشرين سنة ونيف ، منها اثنتا عشرة سنة في مكة المكردمة والباقي في المدينة المنوسرة . ثم كانت السبنة المصدر الثاني بعد الكتاب ، وهي م صدر عن الرسول العربي من حديث: او فعل او تقرير
اهل الراي والهل المحربب توفي النبي (ص) سنة 632م ، وبقي اهل الفتيا من الصحابة يفتون ويحكمون فيما يعرض عليهم من الحوادث والقضايا على حسب القرآن والسنة . وكانوا في ذلك يتشاورون فيما بينهم ، وياخذون بالاجماع عند عدم النص . فنشا من ثم اجمتاع الفقهاء ه كدليل ثالث للتشريع الى جانب الكتاب والسنة .
ش فقام اولا بالفتيا والقضاء الخلفاء الراشدون ، ابو بكر الصذيق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب . واخص بالذكر منهم عمر الفاروق ، الذي كان المؤسس الاكبر للدولة
(1) راجع تاريخ التشريع الاسلامي للخضري (مصر ، طبعة ثانية ، 1929)، ونظرة عامة في تاريخ الفقه الاسلامي للدكتور علي حسن عبد القادر ( الجزء الاول ، 5 القاهرة، 1942) ، وتاريخ التشريع الاسلامي للسادة السبكي والسايس والبربري مص طبعة ثانية، 1939) ، و كنابي فجر الاسلام وضحى الاسلام للسيد احمد امين ، وحسن المحاضرة للسيوطي، وكتب الطبقات التي سيآني بياغ
صفحه ۲۵
الفصل الثاني المذهب الحنفي
الامام الاعظم
الكوفة في العراق ، كانت محطا لكثيرين من الفقهاء المسلمين .
في ايام الخلفاء الرلمشدين ، بعث اليها عمر بن الخطاب الصحابي عبد الله بن مسعود ( المتوفى نسنة 32ه) معلما وقاضيا . وهو صحابي محدث فقيه . ثم اشتهر فيها بعده تلاميذه وتلام تلميذه، مثل علقمة النخعي ومسروق الهمداني والقاضي شريح والوهيم النخعي وعامر الشعبي وحماد بن ابي سليمان .
وفي الكوفية ايضا نشأ المذهب الحنفي . ومؤسسه ابو حنيفة النعمان بن ثابت ، المعروف بالامام الاعظم .. وهو فارسي الاصل ولد في الكوفة سنة 80 هجرية (699 م) . وقبد بدأ حياته .
العلمية بدرس علم الكلام ، ثم تعلم فقه مدرسة الكوفة عن سيخه حماد بن ابي سليمان ( المتوفى سنة 120ه). وكان الى جانب حياته العملية خزازا1 يتعاطى المعاملات العملية . فاكسبه علم الكلام واحتراف التجارة مقدرة واسعة على تحكيم الرآي والمنطق وعلى طبيق الاحكام الشرعية على القضايا العملية ، وعلى التوسع فيه
صفحه ۲۹