فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم

یمنی طریف الخولی d. 1450 AH
137

فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم

فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم

ژانرها

وهذه النتيجة لا يمكن تجنبها بأية حال، حتى إذا تمكنا من إعادة صياغة النظرية، صياغة تتجنب تماما أية إشارة إلى القوى، وحتى إذا استبعدناها كمجرد أوهام، أو محض بناءات منطقية نظرية بحتة، تخدمنا فقط كأدوات، لماذا؟ لأن مثل هذه المجالات ستجعل النظرية أشد تجريدا وأكثر بعدا عن الأسس التجريبية الملاحظة استقرائيا، طالما أننا لا نستطيع أن نلاحظ إلا أشياء عينية، نظرية نيوتن في القوى بأية صورة مجردة وعامة.

33

بعد هذا هل يمكن أن نعتبر نظرية نيوتن مشتقة من عدة ملاحظات؟ (6) حتى إذا وصلنا إلى قمة العلم في يومنا هذا، أي الفيزياء البحتة، ألفينا القطيعة تكاد تكون نهائية بينها وبين المقدمات الملاحظة استقرائيا، بل وإنها قد تجافي الملاحظة، فنظريتا الكم والنسبية هما الأساس الفكري لها،

34

أما عن نظرية الكم أو ميكانيكا الكوانتم، فإنها تتعامل مع كائنات غير قابلة للملاحظة الحسية أصلا، جسيمات الذرة لا تلمس ولا ترى ولا تسمع على وجه الإطلاق، فأصبح علمها استنباطيا إلى حد كبير.

أما نظرية النسبية

35

فهي مفرطة التجريد، وهي تأملية إلى حد بعيد، شديدة البعد عما يمكن أن نسميه بالأسس الملاحظة، كل المحاولات التي بذلت لإثبات أن لها أسسا مباشرة في الملاحظة إلى حد كبير أو حد قليل لم تكن مقنعة،

36

والفضل العظيم للنسبية هي أنها حررتنا من اعتقاد دوجماطيقي سيطر على العقول هو أن نظرية نيوتن مطلقة الصدق لا يتطرق إليها شك أو نقد، وقد استمر هذا الاعتقاد قرنين من الزمان، حتى إن هنري بوانكاريه مثلا، وهو أعظم رياضي فيزيائي وأعظم فيلسوف في جيله، وقد توفي قبل الحرب العالمية الأولى بقليل، اعتقد أن نظرية نيوتن صادقة وغير قابلة للتفنيد، وتقريبا كان هذا اعتقاد جميع من لم يشهدوا النسبية، وقد جر هذا الاعتقاد الدوجماطيقي بنظرية نيوتن اعتقادا دوجماطيقيا آخر في الاستقراء على أنه منهج العلم إلى أن جاء آينشتين ونسبيته، حتى أولئك الذين رفضوا نظريته في الجاذبية يجب عليهم الاعتراف بأنها حدث ذو مغزى عظيم، بدأ عصر جديد لا مناص فيه من الاعتراف بأن الاستقراء ليس هو منهج العلم؛ فقد أقامت نظرية آينشتين دعوى تقول: إن نظرية نيوتن بصرف النظر عن كونها خطأ أم صوابا هي بالقطع ليست النسق الوحيد الممكن للميكانيكا، الذي يستطيع شرح الظواهر بطريقة مبسطة ومقنعة.

صفحه نامشخص