فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم
فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم
ژانرها
أبسط رد على بتنام هو حل بوبر للمشكلة البراجماتية، أو إثباته الصلاحية التامة للاعتماد على النظرية، أما نظرته هذه لأغراض الفهم العقلي، فليس لها إلا مبعث واحد وهو أنه لم يستطع التحرر من الرغبة الدفينة في اليقين، التي يفسرها رايشنباخ في «نشأة الفلسفة العلمية» بالرغبة في العود في عهود الطفولة، التي لا يعكر صفوها أدنى شك بفضل الثقة في حكمة الوالدين، ثم تقويها التربية الدينية؛ إذ تعتبر الشك خطيئة،
32
فمنطق بوبر يعني أن النظرية التي توقفنا عندها هي أكثر النظريات اقترابا من الصدق.
ثم إننا لم نستطع التسليم بالنظرية احتماليا على أساس منطق الاستقراء، بينما نستطيع هذا على أساس نظرية بوبر في منطق العلم، هذه إحدى النتائج الهامة للحل. (2) إذ سيكون تسليما عقلانيا تماما، وعقلانية تطرح على الجانب السيكولوجي، فتقينا من الشيزوفرينيا التي عرضنا لها هيوم، أو بالأصح الاستقراء، خلاصة القول في نتائج هذا الحل أننا الآن بمأمن من كافة الآثار الخطيرة للاستقراء ومشكلته. (3) في سياق الحديث عن نتائج الحل، لا بد من إلقاء الضوء على زاوية هامة جدا في فلسفة بوبر، شاعت في ثنايا هذا الفصل، وستشيع في سائر ثنايا فلسفة بوبر المنهجية، وهي فكرة التوقعات الفطرية، أو الاستعدادات السيكولوجية «منها الاستعداد لخلق مفهوم التكرار وعلى أساسه كان نقد هيوم، وحل المشكلة السيكولوجية.»
ذلك أن الفيلسوف التجريبي بوبر لا يرى أن الذهن يولد صفحة بيضاء تخطها التجربة كما يدعي التجريبيون المتطرفون، على رأسهم جون لوك، ولا هو يرى أن الذهن يولد بأفكار فطرية كما يدعي المثاليون المتطرفون، كلا، الأفكار الفطرية خلف محال
absurd ، فقط يولد الذهن مزودا بمجموعة من النزوعات والتوقعات الفطرية، التي قد تتغير وتتعدل مع تطور الكائن الحي،
33
والتي قد تكون على درجة كبيرة من الاختلاف والتعقيد، وهي تتحد فيما بينها لخلق ملكات الإنسان؛ النزوع إلى الحب، إلى العطف، إلى مناظرة الحركات إلى أن نتحكم في هذه الحركات المناظرة ونصححها، وأن نستعملها ونتواصل بواسطتها والاحتياج إلى لغة نتسلم بواسطتها الأوامر والطلبات والتحذيرات والإنذارات ... والنزوع إلى تأويل العبارات الوصفية، وإلى استعمالها وإلى وضعها،
34
وهذه التوقعات سابقة منطقيا وزمانيا؛ لأنها سابقة وراثيا، على أي تعرف على البيئة، على تلقي أية خبرة حسية، وبالطبع على أي تجريب.
صفحه نامشخص