فلسفه انگلیسی در صد سال (بخش اول)

فؤاد زكريا d. 1431 AH
67

فلسفه انگلیسی در صد سال (بخش اول)

الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)

ژانرها

وفي هذه الملاحظات يظهر رومانس على أنه قد تقبل الإيمان الديني نهائيا، وقد ظهرت وصيته الأخيرة هذه في الكتاب الذي أشرف على نشره تشارلس جور

Charles Gore

بعنوان «أفكار عن الدين

Thoughts on Religion »، (1896) فقد اهتدى رومانس إلى طريق العودة إلى الديانة الوضعية، وأصبح يمثل الآن مذهبا ألوهيا شخصيا بالمعنى الموجود في المسيحية، وعرف كيف ينظم في اعتقاداته العلمية على النحو الملائم للدين. وقد احتفظت الداروينية ومذهب التطور لديه بصحتها كاملة، ولكن في اتفاق، لا اختلاف، مع النظرة إلى العالم في ظل الألوهية، وبهذا تغلب على الثنائية القائمة بين المعرفة العلمية والإيمان، وحقق تلاؤما منسجما بينهما.

ومع ذلك فإن هذا التلاؤم، إذا شئنا الدقة، لا يمكن تحقيقه، فالداروينية - إن شاءت أن تكون أمينة - لا يمكن أن تتفق مع الدين فوق الطبيعي، ومن ثم فقد كانت هذه الفكرة هي السائدة، وهي التي يعبر عنها معظم الفلاسفة الذين ساروا في طريق سبنسر ودارون وهكسلي في بحثهم للمشكلة الدينية، ونستطيع أن نذكر من بين ممثليهم المعبرين عنهم اسمي: شارلس جرانت ألن

Charles Grant Allen (1848-1899) ووليام ونوود ريد

William Winwood Read (1838-1875)، فقد قطع ريد، الذي كان كاتبا غزير الإنتاج في العلم والآداب معا، كل صلة له بالدين، ودعا إلى رأي في الحياة يكون مبنيا تماما على المذهب الطبيعي الفردي القائم على فكرة اللذة دون أي لبس أو غموض. ولقد كان واحدا من القلائل الذين اهتموا بالمشكلات الجمالية، وحاولوا إيجاد تفسير تطوري لها،

22

وقد اشتهر ريد بكتابه «استشهاد الإنسان

The Martyrdom of Man » (1872، وظهرت له عدة طبعات تالية) وهو عمل مؤثر يحرك المشاعر، كان له نجاح أدبي ضخم ، وقد كانت القوة الدافعة إليه، كما يدل على ذلك عنوانه، هي نظرة مكتئبة متشائمة إلى الحياة، تنطوي على رفض تام لكل القيم العالية على الطبيعة ولكل إيمان ديني، وتستبدل به الإيمان بقدرة العلم على كل شيء، والاعتقاد الصارم بأن العلم - والعلم وحده - هو الذي قدر له أن يخلص الإنسان من بؤسه الماضي والحاضر إلى مستقبل أفضل. وهكذا يتسامى ريد بالإنسان، مثل كليفورد، ليجعل منه كائنا من نوع أعلى، وهو بالطبع لا يعني بذلك الإنسان من حيث هو فرد، بل يعني الإنسانية جمعاء، لكي يستخلص من قابلية الإنسان للكمال تلك العقيدة الجديدة التي يهيب بها لتحل محل القديمة.

صفحه نامشخص