فلسفه انگلیسی در صد سال (بخش اول)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
ژانرها
ولقد كان في الفترة الأولى من حياته على الأخص واحدا من أشد تلاميذ كونت الإنجليز تحمسا، ووجد في هذه الناحية، كما وجد في غيرها من النواحي، تآلفا روحيا كاملا مع جورج إليوت، ولقد كانت وجهة النظر الوضعية هي السائدة تماما في كتابه «تاريخ الفلسفة»، وهو كتاب ليست له قيمة كبيرة بمعاييرنا الحالية، ولكن إتقان كتابته أدى إلى ذيوع انتشاره إلى حد غير مألوف، بحيث كان هو الذي أمد كثيرا من القراء الإنجليز بمعلوماتهم الوحيدة عن تاريخ الفلسفة. وبهذه المناسبة، فقد كان هذا الكتاب من أوائل الكتب العامة في تاريخ الفكر النظري باللغة الإنجليزية، وكان الهدف منه كشف غرور كل تأمل ميتافيزيقي، فهو قد فرض حظرا على الجزء الأكبر من المحاولات الفلسفية، وانتهى من ذلك إلى تحبيذ مذهب كونت بوصفه قمة التفكير البشري، وقد تزايد تباعده فيما بعد عن مذهب كونت، تأثر وقتا ما بسبنسر، ثم سار آخر الأمر في طريقه الخاص، ولكنه لم يترك معسكر الوضعية فقط بصفة نهائية.
ولقد كانت فلسفة لويس - كما عرض الجزء الأكبر منها في كتابه الأخير - تعبيرا أمينا عن ذهنه المرن المتفتح، ومعارفه التي كانت واسعة إلى حد غير عادي، والتي اشتملت على مسائل بيولوجية ونفسانية، فضلا عن المسائل الفلسفية، وهي تزخر بالأفكار، التي يعد الكثير منها هاما، ولكنها في عمومها تفتقر إلى الاتساق والإحكام، فمن الصعب أن يهتدي المرء إلى مبدأ جامع أو إطار مسيطر عليها، وإنما يحس المرء بعد قراءته بأن لديه تفكيرا حيا خصيبا، ولكنه يفتقر إلى الوضوح والنضج. ويؤكد لويس، كأي وضعي مخلص، أن الفلسفة ينبغي أن تكون علمية، ولا يعني بذلك فقط أن عليها اتباع مناهج العلوم الطبيعية، بل يعني أيضا أن عليها أن تقتصر على ما هو تجريبي بوصفه هو وحده القابل لأن يعرف. ولقد كان هو الذي نحت لفظ «ما بعد التجريبي
metempirical » ليدل به على ما هو موجود، أو يفترض أنه موجود، من وراء التجربة، وكما بين شادورث هدجسن
Shadworth Hodgson ،
19
فإن لويس لا يوضح إن كان ينكر وجود ما بعد التجربة، أم ينكر فقط قابليته للمعرفة أم كليهما معا، ويبدو على وجه الإجمال أنه يعترف بوجوده فحسب. ومهما انكشف للحدس وللإيمان من هذا المجال، فإنه لا يمكن أن يكون - بالنسبة إلى المعرفة في معناها الوضعي - إلا تصورا سلبيا حديا. وقد ترك لويس آخر الأمر مجالا للمشكلات الميتافيزيقية في الفلسفة، ولكنه اشترط أن تعالج وتحل بروح علمية دقيقة؛ فالفلسفة في نظره، كما هي في نظر سبنسر، هي العلم الذي ينتقل إلى أعلى التجريدات وأوسع التعميمات.
وفيما عدا ذلك، فقد كانت معظم أبحاث لويس ذات طابع فسيولوجي ونفساني، وهذه بدورها حافلة بالأفكار المثيرة، التي ترتفع في أحيان غير قليلة إلى مستوى التبصر العبقري، ولكنها ظلت كلها عقيمة لأنها اختبأت وسط حشد من الأفكار المختلطة التي تفتقر إلى الاتزان والوضوح. ومن أفكاره الجديدة ، التمييز بين نوع الظاهرة الذي يتبدى بوصفه تجديدا خالصا بالنسبة إلى سوابقه، وبين النوع الذي لا يمكن فهمه تماما من خلال خصائص أجزائه المكونة، وكان لويس أول من أطلق على الفئة الأولى اسم الظواهر الطافرة
emergent ، بينما أسمى الفئة الثانية ب«الناتجة
resultant »، وهو هنا قد استبق «فلسفة الطفرة
emergent Phil. » عند لويد مورجان وألكسندر، وإن لم يكن من المؤكد إن كانت ثمة أي استمرار منه إليها، أي تأثير مباشر أو غير مباشر له فيهما.
صفحه نامشخص