ورجال الأعمال الروس الفرحين جدا بفتح تجارتهم في المنطقة.
وترفض بن حبيب ما تسميه إسرائيل ب «الصدمة»: الصدمة من كون صواريخ حماس قادرة على ضرب تل أبيب! معتبرة ذلك «مجرد نفاق: وسواء كان هذا استراتيجيا أو معنويا، فهو لا يفسر أبدا، ولا يبرر الانتقام الواسع». فلماذا تدعي إسرائيل قدرتها على محو حركة حماس من الخريطة الفلسطينية في الوقت الذي تعرف إسرائيل جيدا «أن قوتها العسكرية المفترضة تم اختراقها منذ زمن بأجيال جديدة من الأسلحة؟»
40
وتعتبر بن حبيب أنه «لا يوجد أمن كامل ولا يقهر مطلقا في العالم الجديد، وعلى الأقل منذ 11 سبتمبر 2001، كما لم يكن هناك استقرار كامل في الميدان السياسي»، فحتى القنبلة النووية لا تضمن الأمن والاستقرار لإسرائيل. ليس لأن إيران يمكن أن تملك بدورها قنبلة نووية، وإنما لأن استخدامها ضد أهداف في لبنان أو سوريا وعلى قطاع غزة وعلى الضفة الغربية والأردن، بإطلاق سحابة من الأشعة على كل المنطقة يمكن أن يلوث المياه والغطاء النباتي، وهو ما يجعل إسرائيل بدورها غير صالحة للاستيطان. هكذا يتضح أن خوف إسرائيل أشبه ما يكون بفوبيا ملازمة لسياسييها ومواطنيها وجنودها. (ج) في نقد الرؤى السياسية الإسرائيلية
تسود في إسرائيل اليوم بحسب بن حبيب أربعة خطابات سياسية تساير الوضع ولا تقدم أي رؤية سياسية جديدة، تلخصها فيما يلي: (1) «منظور/رؤية الحرب الدائمة»: رغم أنه لا يدافع عنه أي سياسي يحترم نفسه، فالأمر يتعلق بنفسية داخل كل الإسرائيليين البسطاء؛ حيث يعتقد الغالبية العظمى أن الحرب نمط عيش، لأنه لا يمكن أن يتحقق السلام بين إسرائيل وفلسطين. (2) «منظور الدولتين»: (أو ما يعرف بحل إقامة الدولتين) الليبراليين والتقدميين من كل الأصناف يدافعون عن حل الدولتين (دولة إسرائيل ودولة فلسطين)، لأنهم يؤمنون بمبدأ المساواة في حق تقرير مصير الشعوب. ويقبل البعض هذا الحل لأنهم قلقون مما يمكن أن نسميه «الانفجار السكاني الذي بدأ بالفعل»، وتسارع معدل الولادة بفلسطين، ويخشون العيش كأقلية في دولة فلسطينية كبيرة، ديمقراطية كانت أم غير ديمقراطية. (3) «المنظور الديني لإسرائيل الكبرى»: هناك أيضا منظور إسرائيل الكبرى المبنية على المعتقد الديني، حيث يسود الاعتقاد أن الأراضي القديمة ليهودا هي في الواقع للشعب اليهودي بلا رجعة. (4) «المنظور العلماني لإسرائيل الكبرى»: وهو منظور يختلف عن المنظور الثالث ويؤكد على أن إسرائيل الكبرى يمكن أن تضم أراضي فلسطينية وتحكمها اتفاقات اقتصادية من الطرفين بموجب مناطق التبادل الحر والنمو الاقتصادي. على الأقل منذ مبادرة السلام التي أطلقها إسحاق رابين واتفاقات كامب ديفيد، ويمثل حل «الدولتين» السياسة الرسمية للحكومة الإسرائيلية والأمريكية، إلا أنه حل هو مجرد حل/نواة متناقض، يخفي في كثير من الأحيان دلالات في الوعي العام.
41
تكرس الخطابات أعلاه منظورا تقليديا لبناء الدولة داخل حدود وطنية ضيقة. وهو الأمر المتجاوز من وجهة نظر كوسموبوليتية؛ ففي عالم اليوم حيث التغيرات على أشدها لم يعد مقبولا حصر القضية الفلسطينية في مجرد التسوية المؤقتة لتدبير الصراع في اتجاه تكريس الهيمنة الصهيونية على الأراضي المحتلة، من خلال المقاربة الأمنية، كمعول وحيد وأوحد لشرعنة العنف والحرب على كل تحرك فلسطيني مشروع للدفاع عن عدالة قضيته. فإذا كان المنتظم الدولي يتجه نحو الضغط على اللوبي الصهيوني من أجل الاعتراف الكامل بالسيادة الفلسطينية، فإن بعض مواقف القوى الإمبريالية، تتجه عكس ذلك نحو تكريس نفس الوضع خدمة لمصالحها الاستراتيجية. وحتى مفهوم السيادة كما يتصوره الكيان الصهيوني لم يعد مقبولا، في نظر بن حبيب، ما دامت إسرائيل ترى أن فلسطين ستظل دوما مراقبة .
لا يتعلق الأمر وفقط بفشل الرؤى السياسية التي تحملها القوى السياسية الفاعلة في الدولة الصهيونية، وإنما بفشل المنتظم الدولي أيضا في حل قضية عمرت ما يزيد على نصف قرن. وهو فشل ذريع لا يزكيه إلا لغة المصالح الاستراتيجية. فكم من مرة تخرق إسرائيل الاتفاقات الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي! (د) رفض غزو غزة
تدافع سيلا بن حبيب عما يسمى حل الدولتين؛ لأنه يضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ولكنه في نفس الوقت يعد بوضع حد للنمو الديموغرافي المرتفع في فلسطين، وهو ما يؤدي إلى الاعتقاد بأن ارتفاع معدلات الولادة لدى الفلسطينيين يهدد الطبيعة اليهودية لدولة إسرائيل، وبناء عليه يتم الدفاع عن «استمرار إسرائيل في احتلال غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية»؛ لأنه «سيضمن التحكم العسكري في 5 ملايين من الفلسطينيين العرب، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل منذ 1967».
42
صفحه نامشخص