فلسفه به صورت مونث

رشید العلوی d. 1450 AH
11

فلسفه به صورت مونث

الفلسفة بصيغة المؤنث

ژانرها

تناولت صبا في هذا الكتاب موضوعات هامة من قبيل: الحرية، خريطة الحركة التقوية، الحجاج أو فن الإقناع، الأخلاق العملية والتقاليد، دور الشعائرية ... وقد قادتها هذه الدراسة إلى سؤال العلمانية معتبرة أن قضايا: الإجهاض، ترسيم البابوات والأئمة الشواذ، ارتداء الحجاب، إعلان الدين أو الأيديولوجيا، النزاعات حول الإجهاض، زواج المثليين ... لا تهم مجتمعات ذات غالبية مسلمة وحدها، بقدر ما تهم أيضا العالم العلماني الذي جرب العلمنة لقرون. فبعد أن فرض المسلمون أنفسهم في الغرب عاد النقاش إلى المجال العام حول دور الدين في الحياة المعاصرة حيث تقول: «إن تداخل الدين مع الحكم المعاصر لا يطغى فقط على المجتمعات غير الغربية، إنما أيضا على تلك الدول التي تعد نماذج مثالية لما ينبغي أن تكون عليه الدولة العلمانية، وهذا يتضح في التنظيم القضائي والتشريعي القائم لبعض جوانب الحياة الدينية في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا» (العلمانية والاختلاف الجنسي والحرية الدينية، ترجمة: نورة آل طالب). فاهتمامها بالحياة الاجتماعية للقانون، خصوصا أن العديد من القضايا المعروضة على المحاكم عن حق الحرية الدينية في الشرق الأوسط تخاض ليس في المحاكم فحسب، ولكن من خلال الحملات الشعبية التي تطلق في المجالات الثقافية والسياسية؛ فيتشكل شعور الناس عما تعنيه الحرية الدينية من الجدل القائم بين منظمات حقوق الإنسان والحقوق المدنية وحقوق الأقليات؛ لذلك تركز بحثها في مصر حول العمل مع ممارسي النشاط الحقوقي، ولا سيما أولئك الذين يستخدمون البروتوكولات الدولية لحقوق الإنسان في استراتيجياتهم القانونية وحملاتهم الشعبية.

يتعلق الأمر إذن بالاهتمام بمكانة الرأي العام وحيزه في النقاش العمومي، وهذا ما دفع الباحث جوليان بوجي في قراءته لهذا الكتاب إلى القول: تجسد صبا محمود فكرة غاستون باشلار حول الرأي: الرأي تفكير سيئ، إنه لا يفكر بتاتا، يترجم المعارف إلى حاجات؛ لأن الأطروحة الليبرالية تعتقد أن «طرح الخطاب عن الحرية الدينية، خاصة في صيغتها الفردانية، سيؤدي إلى اختراق دائرة الدين والأسرة والاختلاف الجنسي؛ حيث إن القوة الحاسمة لذلك الخطاب من شأنها أن تخلخل الدعامة الصلبة لتلك الدائرة، ولكن وكما أظهر تحليلي، فإن الخطاب الدائر حول حق الحرية الدينية عمق من تلك الدائرة على عكس ما يظن، مستثمرا بصورة أكبر الهويات الأقلية والأغلبية في هذه المباحثة. وحقيقة أن هذا الطرح تحقق جزئيا عبر قوى عابرة للحدود القومية ممثلة في السلطة والقانون تذكرنا بأن مسائل كهذه لا تحسم ثقافيا فقط بل جيوسياسيا». وهنا نتلمس مكمن الخلل في النظرة المعيارية للدين فيه «من الآثار المترتبة المتناقضة لعلمنة المجتمعات الإسلامية هو أنه مثلما أصبح للسلطة الدينية دور هامشي في إدارة الشئون المدنية والسياسية، هي في الوقت ذاته تكتسب مكانة مميزة في تنظيم العلاقات الأسرية والجنسية. بعبارة أخرى، نتج عن الخصخصة المتزامنة للدين والجنسانية في العالم الإسلامي اندماج الاثنين (الدين والجنسانية) اندماجا حتميا؛ حيث إن مسائل الهوية الدينية للغالبية المسلمة والأقليات غير المسلمة على حد سواء غالبا ما يستتبعها نزاعات حول الجندرية والزواج والأسرة. ورغم أن بعض جوانب القصة حول خصخصة الدين والأسرة يتشارك فيها الجزء الغربي وغير الغربي، إلا أن ما هو مميز بشأن المجتمعات ما بعد الكولونيالية أنه في أغلب الحالات لا يزال قانون الأسرة يدار بما يتوافق مع الإرشادات الدينية فقط، دون الرجوع إلى القانون المدني». فهل تستطيع قوانين الأسرة أن تحل العديد من المشكلات المرتبطة بالحياة الفردية الخاصة للمسلمات؟ وهل بإمكان النظرة المعيارية أن تذهب بعيدا في ضمان الاستقرار والتعايش في ظل تزايد مشكلات الاندماج الاجتماعي والتعدد الثقافي والإثني جراء مشكلات الهجرة التي تسببت فيها عشرات الحروب؟ هناك بعض المميزات الخاصة ببعض الدول كما هو حال قانون الأسرة في لبنان الذي يعرض الخلافات الزوجية على المحاكم الأهلية (حوالي 18 قانونا أهليا).

استطاعت صبا محمود أن تلفت النظر إلى أهمية الالتزام الأنثروبولوجي من خلال حثها على «التفكير بطريقة نقدية حول اختلاف فريد من نوعه في العلوم الإنسانية، يستحق الاهتمام والاستكشاف». فمعها تولد مجال بحث واعد يجد مكانته فيما تعيشه مجتمعاتنا من تطورات وأوضاع ستعمق نقاشات سياسية وأيديولوجية ضرورية للرقي بأوضاعنا؛ فالجدل الدائر حول الحجاب والحدود بين الحرية الفردية والحرية الجماعية، نابع أساسا من تطلع أجيال اليوم إلى الحرية التي لا تقبل المساومة أو المهادنة باعتبارها أساس الوجود الإنساني؛ حرية لا يمكن أن يحد منها خطاب العنف وممارسته الفعلية ضد المختلف والمعارض والمنتقد؛ لأن اللجوء إلى العنف المادي والرمزي معا دليل على قرب نهاية وأفول أيديولوجيا وفكر دوغمائي وإقصائي لا يريد أن يساير التحولات الجارية في كافة المجالات.

نادية دو موند: الوعي بالذات خطوة أولى لتحرير النساء

نادية دو موند

Nadia de Mond

واحدة من أبرز نساء الفكر الماركسي التروتسكي الأكثر دفاعا عن نسوانية دينامية قادرة على الرقي بالوضع النسائي نحو التحرر، دشنت نضالها السياسي فكريا وعمليا.

سنسلط الضوء في هذه المقالة على جانب من جوانب فكرها المدافع عن مجتمع المساواة بين الرجل والمرأة في سبيل تحرير المجتمع المعاصر من كل أنواع وأشكال البطريركية، وهي تستند في مقالاتها على جهود فريديريك إنجلز في كتابه: «أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة» والذي تعيد النظر في بعض حججه التي استقاها من الدراسات الأنثروبولوجية المعاصرة له. فكيف تفهم نادية دو موند إذن المجتمع الذكوري؟ هل هناك تغييرات جذرية في التحليلات الأنثروبولوجية التي أتحفنا بها منظرو القرن التاسع عشر لأصل المجتمعات البشرية؟

تفيد النسوانية في نظر نادية أمرين:

أولا:

صفحه نامشخص