إذا لم نجد إلا أخانا
ومن أجل هذا كثيرا ما تضطر القبيلة التي ضعفت إلى الاحتماء بقبيلة قوية تذود عنها، ولكن قل أن يدوم حلفهم أو يطول، بل سرعان ما ينتقض اجتماعهم وتنفصم وحدتهم، فينقلب المتحالفون أعداء متحاربين.
ليس في البدوي خلق يؤهله للتجارة، فإذا اشترك فيها اقتصر عمله على أن يكون سائقا أو هاديا للطريق أو حاميا من إغارة أمثاله.
أفراد القبيلة متضامنون أشد ما يكون من تضامن، ينصرون أخاهم ظالما أو مظلوما، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ما قال برهانا
إذا جنى أحدهم جناية حملتها قبيلته، وإذا غنم غنيمة فهي للقبيلة ولرئيسها خيرها، وإذا أبت قبيلته أن تحميه لجأ إلى قبيلة أخرى ووالاها، وحسب نفسه كأنه أحد أفرادها؛ فوطنية البدوي وطنية قبلية لا وطنية شعبية، وهذا الشعور بارتباطه بقبيلة يحميها وتحميه هو المسمى بالعصبية.
والممعن في البداوة منهم ضعيف الإيمان بدين، قل أن يؤمن إلا بتقاليد قبيلته وما ورثه عن آبائه
الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم .
مثله الأعلى في الأخلاق تركز فيم سماه «المروءة»، تغنى بها في شعره وأدبه، ومن الصعب أن تحدها حدا دقيقا، ولكن يصح أن تقول: إنها تعتمد على الشجاعة والكرم؛ أما شجاعته فتتجلى في كثرة من نازله وقاتله، وفي مواقف دفاعه عن قبيلته، وأكثر من هذا في نجدته؛ وأما كرمه فيتجلى في نحر الجزور للضيف، وإغاثة البائس الفقير، وفوق هذا أن يعطي أكثر مما يأخذ، وأن «يغشى الوغى ويعف عند المغنم».
صفحه نامشخص