ومع هذا فقد اختلفوا في الفهم على حسب اختلافهم في أدوات الفهم، وذلك: (1)
أنهم كانوا يعرفون العربية على تفاوت فيما بينهم وإن كانت العربية لغتهم، فمنهم من كان يعرف كثيرا من الأدب الجاهلي، ويعرف غريبه، ويستعين بذلك في فهم مفردات القرآن، ومنهم من كان دون ذلك. (2)
كذلك منهم من كان يلازم النبي
صلى الله عليه وسلم
ويقيم بجانبه، ويشاهد الأسباب التي دعت إلى نزول الآية، ومنهم من ليس كذلك؛ ومعرفة أسباب التنزيل من أكبر ما يعين على فهم المقصود من الآية، والجهل بها يوقع في الخطأ، روي أن عمر استعمل قدامة بن مظعون على البحرين، فقدم الجارود على عمر فقال: إن قدامة شرب فسكر، فقال عمر: من يشهد على ما تقول؟ قال الجارود: أبو هريرة يشهد على ما أقول : فقال عمر: يا قدامة، إني جالدك؛ قال: والله لو شربت كما يقولون ما كان لك أن تجلدني! قال عمر: ولم؟ قال: لأن الله يقول:
ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا ، فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا، شهدت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
بدرا وأحدا والخندق والمشاهد؛ فقال عمر: ألا تردون عليه قوله؟ فقال ابن عباس: إن هذه الآيات أنزلن عذرا للماضين، وحجة على الباقين؛ لأن الله يقول:
يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ؛ قال عمر: صدقت، وجاء رجل إلى ابن مسعود فقال: تركت في المسجد رجلا يفسر القرآن برأيه، يفسر هذه الآية:
يوم تأتي السماء بدخان مبين ، قال: يأتي الناس يوم القيامة دخان فيأخذ بأنفاسهم حتى يأخذهم كهيئة الزكام؛ فقال ابن مسعود: من علم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، إنما كان هذا؛ لأن قريشا استعصوا على النبي
صفحه نامشخص