ثم انجلى الحزن وروعاته
وغيب الكاشح والمبرم
إلى آخر الأبيات
5 ، ولإبراهيم أخيه كذلك شعر يعتز فيه العجم، ويفخر به على العرب.
أضف إلى هذا أن كثيرا من الشعراء والأدباء والشعراء من العرب كانوا ينزلون فارس أو العراق، ويخالطون أهله، ويرون مدنيته فيكون لها الأثر في شاعريتهم، فكان ينزل العراق الطرماح والكيمت وأبو النجم الراجز، وجرير، والفرزدق، وكان ينزل خراسان نهار بن توسعة وثابت قطنة وابن مفرغ الحميري والمغيرة بن حبناء وغيرهم، ولا يخفى ما للبيئة من تأثير في النفس والخيال. (الثاني):
من وجوه تأثير الأدب الفارسي: الناحية اللغوية، فقد علمت أن العرب في جاهليتها كانت غنية في شئون الحياة البدوية وما يتصل بها، فلما فتحوا فارس وكثيرا من بلاد الروم رأوا من أدوات الزينة والترف ما لم يكونوا قد رأوا، ورأوا من الحرف الدقيقة والفنون الجميلة ما لم يعهدوه، كما رأوا من تنظيم الحكومة وتدوين الدواوين ما لم يكن يخطر لهم على بال، فاضطروا أن يقتبسوا من الأمم المفتوحة ألفاظا يدخلونها في لغتهم، وكانت اللغة الفارسية أقرب منبع يستمدون منه ما يحتاجون إليه، فأخذوا منهم الكوز والجرة والإبريق والطست والخوان والطبق والقصعة والخز والديباج والسندس والياقوت والفيروز والبلور والكعك والفالوذج واللوزينج والفلفل والزنجبيل والقرفة والنرجس والنسرين والسوسن والعنبر والكافور والصندل والقرنفل والبستان والأرجوان والقرمز والسراويل والإستبرق والتنور والجوز واللوز والدولاب والميزان والزئبق والباشق والجاموس والطيلسان والمغنطيس والمارستان والصك وصنجة الميزان والصولجان والكوسج ونوافج المسك والفرسخ والبند - وهو العلم الكبير - والزمرد والآجر والجوهر والسكر والطنبور
6 ... إلخ، ونظرة عامة إلى هذه الأسماء تريك أن العرب اضطروا إلى أخذ كلمات فارسية في كل مرفق من مرافق الحياة، ولا بد أن يكونوا قد أخذوا منهم تراكيب للجمل جديدة ومعاني جديدة وخيالا جديدا، ولكن من العسير تعيين ما أخذوه من هذا النوع بالدقة؛ لأن المعاني والخيال وما إليهما مما يسرق وقل أن يضبط، ولم تسجل أمة معانيها وخيالاتها كما تسجل ألفاظها. (الثالث):
الحكم: كان للفرس أثر كبير في الأخلاق الإسلامية والآداب من ناحية حكمهم، ذلك أن الأخلاق الإسلامية تأثرت بثلاثة مؤثرات: أولها - التعاليم الدينية كالتي وردت في القرآن:
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ،
اعدلوا هو أقرب للتقوى ،
صفحه نامشخص