Faith Between the Salaf and the Theologians
الإيمان بين السلف والمتكلمين
ناشر
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
مع قول الله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل، وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك، لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون، ناقصو الإيمان، إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرِّين على كبائر كانوا في المشيئة، فإن شاء الله تعالى عفا عنهم، وأدخلهم الجنة أولًا، وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة " ١.
ومما يسند ذلك أيضًا حديث أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: " يدخل أهلُ الجنةِ الجنةَ، وأهلُ النارِ النارَ، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا مَن كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان. فيخرجون منها، قد اسودُّوا فيُلقَون في نهر الحيا - أو (الحياة) شكَّ مالك - فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم ترَ أنها تخرج صفراء ملتوية " ٢.
والأحاديث من النوع كثيرة ويطول بنا الحديث إن أردنا سرد جميع ما استدل به السلف لمذهبهم في هذه المسألة. فهي كثيرة جدًا - وكلها تدل على أن مرتكب الكبيرة مؤمن، وأنه معرَّض لعقاب الله، وإن عوقب فإنه لا يخلد في النار بل يخرج منها. ولكثرتها يصعب حصرها واستقصاؤها لذلك أرى فيما ذكرت غنية عما سواه وقد وردت أحديث مشكلة في الظاهر على ما تقدم.
منها حديث أبي هريرة وقد تقدم ذكره: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن.. ". وقد أزال إشكاله الإمام النووي بقوله: " هذا الحديث مما اختُلِف في معناه فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيئ ويراد نفي كماله ... وتأول بعض العلماء هذا الحديث على من فعل ذلك مستحلًا له مع علمه بورود الشرع بتحريمه. وقال الحسن وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري: معناه ينزع منه اسم المدح الذي يُسمَّى به أولياء لله
_________
١ النووي، محي الدين يحيى بن شرف، المصدر المذكور آنفًا ج٢ ص٤١.
٢ رواه البخاري في صحيحه. انظر: المصدر السابق ص٧٢.
1 / 62