Faith Between the Salaf and the Theologians
الإيمان بين السلف والمتكلمين
ناشر
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
" لا يبقى في النار بقاء الكفار "، أن الكافر يخلد فيها، ولا يخرج منها أبدًا ولا يخلد الله من مذنبي المؤمنين في النار أحدًا.
ومعنى قوله: " لا يشقى بالنار شقاء الكفار "، أن الكفار ييأسون فيها من رحمة الله، ولا يرجون راحة بحال، وأما المؤمنون فلا ينقطع طمعهم من رحمة الله في كل حال وعاقبة المؤمنين كلهم الجنة، لأنهم خُلِقوا لها، وخُلِقت لهم، فضلًا من الله ومنّة " ١اهـ.
هذا هو حكم مرتكب الكبيرة فيما يتعلق بمصيره في الآخرة، بقي أن نعرف ما له وما عليه، بالنسبة لأحكام الدنيا، فلا يجوز لنا أن نسلبه اسم الإيمان بالكلية بل نقول: إنه مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، ويستحق من المعاملة باسم الإسلام، ما يستحقه سائر المسلمين. وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: " والتحقيق أن يقال: إنه مؤمن ناقص الإيمان، مؤمن بإيمانه، فاسق بكبيرته، ولا يُعطى الاسم المطلق، واسم الإيمان بتناوله فيما أمر الله به ورسوله، لأن ذلك إيجاب عليه، وتحريم عليه، وهو لازم له كما يلزمه غيره. وعلى هذا، فالخطاب بالإيمان يدخل فيه ثلاث طوائف، يدخل فيه المؤمن حقًا، ويدخل فيه المنافق في أحكامه الظاهرة، وإن كان في الآخرة في الدرك الأسفل من النار، وهو في الباطن يُنفى عنه الإسلام، والإيمان، وفي الظاهر يُثبَت له الإسلام، والإيمان الظاهر، ويدخل فيه الذين أسلموا، ولم تدخل حقيقة الإيمان في قلوبهم، لكن معهم جزء من الإيمان، وإسلام يُثابون عليه، ثم قد يكونون مفرِّطين فيما فُرض عليهم، وليس معهم من الكبائر ما يُعاقبون عليه كأهل الكبائر، لكن يُعاقبون على ترك المفروضات، وهؤلاء كالأعراب المذكورين في الآية وغيرهم، فإنهم قالوا آمنا من غير قيام منهم بما أُمروا به باطنًا وظاهرًا " ٢.
هكذا قال السلف ﵏ في مرتكب الكبيرة، إذ أنه إنسان
_________
١ الصابوني، المصدر المذكور آنفًا ص١٢٥.
٢ ابن تيمية، المصدر المذكور آنفًا ص٢٠٢.
1 / 58