Faith Between the Salaf and the Theologians
الإيمان بين السلف والمتكلمين
ناشر
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
محل انتشار
المملكة العربية السعودية
ژانرها
ما يُلحفها بالكبائر، وقد يقترن بالكبيرة من الحياء، والخوف، والوجل، ما يُلحقها بالصغائر وهذا أمر مرجعه إلى ما يقوم بالقلب. وعلى هذا فليس للكبائر عدد محدود، وما رود عن الرسول ﷺ من مثل قول: " اجتنبوا السبع الموبقات ..." ١، وحديث أنس ﵁ أن النبي ﷺ سُئل عن الكبائر فقال: " الشرك بالله، وقتل النفس وعقوق الوالدين " ٢. أما الشرك فلا نزاع في أنه كفر يُخرج عن الملة وهو أكبر المعاصي على الإطلاق، وإنما قُرنت به بقية المعاصي المذكورة في الأحاديث على سبيل التشنيع، زجرًا عن ارتكابها، وإشعارًا بأنه أكبر الكبائر، وإلا فيوجد في غيرها من الذنوب التي لم تُذكر في الأحاديث على أنها كبائر، يوجد فيها ما هو كبيرة. وما ذُكر مقرونًا بوصف الكبيرة، أو أكبر الكبائر، فإنما وردت كذلك لكونها من أفحش الكبائر مع كثرة وقوعها لا سيما فيها كانت عليه الجاهلية.
وبعد أن اتضح لنا الفرق بين هذين الصنفين من المعاصي، إليك مذهب السلف الذي قالوا به في حكم مرتكب الكبيرة:
فقد ذهب السلف - عليهم رحمة الله - إلى أن مرتكب الكبيرة فاسق، وأنه لا يخرج من الإيمان بمجرد فسقه، ولا يخلد في النار في الآخرة، بل هو تحت مشيئة الله تعالى، إن شاء عفا عنه بفضله وكرمه، وأدخله الجنة، من أول وهلة. وإن شاء عذَّبه بقدر ذنوب ثم أدخله الجنة، فلا بد من دخول الجنة. فالعاصي معرَّض لعقوبة الله تعالى، وعذابه. وتقريرًا لمذهب السلف في هذا الأمر، قال الإمام الصابوني في رسالته «عقيدة السلف»: " ويعتقد أهل السنة أن المؤمن وإن أذنب ذنوبًا كثيرة، صغائر وكبائر، فإنه لا يكفر بها، وإن خرج من الدنيا غير تائب منها، ومات على التوحيد والإخلاص، فإن أمره إلى الله ﷿ إن شاء عفا عنه، وأدخله الجنة يوم القيامة سالمًا غانمًا، غير مُبتلى بالنار، ولا مُعاقَب على ما ارتكبه، واكتسبه، ثم استصحبه
_________
١ صحيح مسلم مع شرحه للنووي، ج٢ ص٨٣.
٢ المصدر السابق.
1 / 55