185

Faith Between the Salaf and the Theologians

الإيمان بين السلف والمتكلمين

ناشر

مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة

ویراست

الأولى

سال انتشار

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

محل انتشار

المملكة العربية السعودية

ژانرها

وأما إذا سئل عن حكمه في الآخرة، قيل: ليس هذا النوع من المؤمنين الموعودين بالجنة، بل معه إيمان يمنعه من الخلود في النار، ويدخل به الجنة بعد أن يعذَّب في النار، إن لم يغفر الله له ذنوبه. وبهذا قال من قال: هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، أو مؤمن ناقص الإيمان ١.
ثم إن آيات الوعيد التي وردت بحق العصاة مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ ٢ مع قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا﴾ ٣ مع حديث عبادة بن الصامت: " بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا ..." إلى أن قال: " فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئًا ثم ستره فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه " فبايعناه ٤.
وأمثال ذلك تدل على فساد مذهب المرجئة سواء القائل بكمال إيمان العاصي، وعدم مؤاخذته، والقائل بتساوي الناس في الإيمان، وقد قسم الله ﵎ المؤمنين في القرآن بقوله: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ ٥. وقد زعم جولد تسيهر، المستشرق المعروف أن المرجئة قد أتت بمذهب متسامح حين نادت بأن الإيمان إذا كان قائمًا لم يضر العمل، وإذا كان المرء غير مؤمن لم ينفعه العمل، لأنهم بذلك - في نظره - قد حسموا الخلاف الواقع بين الأتقياء من العلماء، وبين حكام بني أمية الذين مالوا إلى الفسق والفجور، وأن رأيًا غير رأيهم لا يستند إلى أساس متين ٦. ولا عجب من هذا المستشرق

١ المصدر نفسه ص٣٠٢.
٢ النساء: ١٠.
٣ السجدة: ١٨.
٤ رواه البخاري. انظر: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري، ج١ ص٦٤.
٥ فاطر: ٣٢.
٦ انظر: العقيدة والشريعة لأجناس جولد تسيهر، تعريب محمد يوسف موسى وآخرون، ص٧٥، ط١ سنة١٩٤٦م.

1 / 204