وكان عبد المطلب جالسا فأمر بإخراجهن فخرجن والنبي ص لا يزداد إلا بكاء وحزنا لغيبة اللبن عنه ص فخرج عبد المطلب من الدار مهموما مغموما إلى الكعبة وقعد عند أستارها ورأسه بين ركبتيه كأنه امرأة ثكلى وإذا بعقيل بن أبي وقاص قد أقبل وهو شيخ من قريش وأسنهم فلما رأى عبد المطلب مغموما قال له يا أبا الحارث ما لي أراك مغموما فقال له عبد المطلب يا سيد قريش اعلم أن نافلتي يبكي ولا يسكن شوقا إلى اللبن من حين ماتت أمه وأنا لا أتهنأ بطعام ولا بشراب محزون على ولدي محمد ص وعرضت عليه نساء قريش وبني هاشم فلم يقبل ثدي واحدة منهن وذلك أنه ما من امرأة إلا وبها عيب وإن محمدا لا يقبل ثدي من بها عيب فلهذا امتنع فتحيرت وانقطعت حيلتي فقال عقيل يا أبا الحارث إني لأعرف في أربعة وأربعين صنديدا من صناديد العرب امرأة عاقلة أفصح لسانا وأصبح وجها وأرفع حسبا ونسبا وهي حليمة بنت أبي ذؤيب بن عبد الله بن الحارث بن سخنة بن ناصر بن سعد بن بكير بن زهر بن منصور بن عكرمة بن قيس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أكرد بن سخيب بن يعرب بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن قال الواقدي فقال عبد المطلب يا سيدي وسيد قريش لقد نبهتني بأمر عظيم وفرجت عني ثم دعا عبد المطلب بغلام اسمه شمردل وقال له قم يا غلام واركب ناقتك واخرج نحو حي بني سعد بن أبي بكر وادع لي أبا ذؤيب بن عبد الله بن الحارث السعداوي فذهب الغلام واستوى على ظهر ناقته وكان حي بني سعد من مكة على ثمانية عشر ميلا في طريق جدة قال فذهب الغلام نحو حي بني سعد فلحق بهم وإذا خيمتهم من مسح وخوص وكذلك خيم الأعراب في البوادي فدخل شمردل الحي وسأل عن خيمة عبد الله بن الحارث فأعطوه الأثر فذهب شمردل إلى الخيمة فإذا بخيمة عظيمة رضية زاجة في الهواء من خوص وإذا على باب الخيمة غلام أسود فاستأذن شمردل في الدخول فدخل الغلام وقال أنعم صباحا يا أبا ذؤيب
صفحه ۲۵