381

فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل‏

فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل‏

ژانرها

1054 ومن كتاب أمير المؤمنين علي صاحب النجدة والبأس إلى بن عمه عبد الله بن عباس، وكان عبد الله يقول: ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانتفاعي، بهذا الكلام: «أما بعد، فإن هذا المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته، ويسؤه فوت ما لم يكن ليدركه، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك، وليكن أسفك على ما فات منها، وما نلت من دنياك فلا تكثر به فرحا، وما فاتك منها فلا تأس عليه جزعا، وليكن همك فيما بعد الموت» (1).

1055 ومن خطبة له (عليه السلام) بصفين. «أما بعد، فقد جعل الله لي عليكم حقا بولاية أمركم، ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم، والحق أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولو كان لأحد أن يجري له ولا يجرى عليه، لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه، لقدرته على عباده، ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه، ولكنه جعل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه، وتوسعا بما هو من المزيد أهله.

ثم جعل سبحانه من حقه على العباد حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافأ في وجوهها، ويوجب بعضها بعضا، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض.

وأعظم ما افترض سبحانه من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية، وحق الرعية على الوالي، فريضة فرضها الله سبحانه لكل على كل، فجعلها نظاما لألفتهم، وعزا لدينهم، فليست تصلح الرعية إلا بصلاح الولاة، ولا يصلح الولاة إلا باستقامة الرعية، فإذا أدت الرعية إلى الوالي حقه، وأدى الوالي إليها حقها عز الحق بينهم، وقامت مناهج الدين، واعتدلت معالم العدل، وجرت على أذلالها السنن، فصلح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء. وإذا غلبت الرعية واليها، وأجحف الوالي برعيته، اختلفت هناك الكلمة، وظهرت معالم الجور، وكثر الإدغال في الدين، وتركت محاج السنن، فعمل بالهوى، وعطلت الأحكام، وكثرت علل النفوس، فلا يستوحش لعظيم حق عطل، ولا لعظيم باطل

صفحه ۴۱۱