356

فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل‏

فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل‏

ژانرها

بشيء منه امتناع ولا له بطاعة شيء من خلقه انتفاع، أجابته للداعين سريعة والملائكة في السماوات له مطيعة، علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء المتقلبين، وعلمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرضين السفلى، وعلمه بكل شيء سواء، لا يشغله الأصوات ولا يحيره اللغات، سمع الأصوات المختلفة بلا جوارح له مؤتلفة، بصير بالمرور والكرور مدبر أمور الجمهور، عالم حي قيوم، سبحانه كلم موسى تكليما وأراه من آياته عظيما، بلا نطق ولا لهوات ولا جوارح لله ولا أدوات، سبحانه وتعالى.

من زعم أن لا إله محدود فقد جهل الخالق المعبود، بل هو المحيط بالكل، فالأفكار عن إدراكه خاسئة والخلائق بحقيقته مقرة، وبأن لا مثل له شاهدة، وبعجزها عن أنفسها له خاضعة، وبرغبتها للحاجة منها إليه متوجهة، وكلهم كما وصفهم: إذا مسهم الضر إليه يجأرون، وإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين.

فإن كنت صادقا أيها المتكلف لوصف الرحمن بخلاف التنزيل والبرهان فصف جبريل وميكائيل وإسرافيل مع جنود الله المقربين هيهات! لقد تولهت عقولهم عن صفة رب العالمين وتحيرت أذهانهم عن أن يحدوا أحسن الخالقين، خنوعا خضوعا لله، لا يحدونه بحيث ومكان فهم لله عن الأماكن منزهون، بل إن كنت صادقا أيها الغبي الحيران فصف ملك الموت كيف يتوفى الكهول والشبان، هل يحس به أحد إذا دخل منزلا؟ وهل يراه أحد إذا توفاه منتقلا؟ بل كيف يتوفى الجنين في بطن أمه؟ أيلج عليه في بعض جوارحها؟ (1) أم الروح أجابت ملك الموت بإذن ربها؟ أم هو ساكن مع الجنين في بطنها؟ كيف وصل ملك الموت إلى الروح من بين أعضاء الجسد؟ وكيف سلها من بين العصب والأمعاء؟ تبا لمن يجد إله الأرض والسماء ويعجز عن صفة مخلوق مثله سواء.

بل إن كنت صادقا فصف لي عدوك إبليس كيف يطغى العباد في جميع البلاد بلا سبب موصوف ولا حد معروف؟ أم كيف حل في آرائهم؟ أم كيف أضل وأغوى؟ أم كيف وعد ومتى؟ أم كيف زين في أعينهم سيئات المحارم؟ أم كيف هون عليهم موبقات العظائم؟ أم كيف

صفحه ۳۸۶