(16) -[11] حدثنا الحسين بن أبي معشر، وابن صاعد قالا: ثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان، ثنا أبي، ثنا كوثر بن حكيم، وقال ابن صاعد أبو مخلد الحلبي: ثنا نافع، عن ابن عمر، عن عمر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أرأف أمتي أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان، وإن أقرؤها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ، وإن أصدقها لهجة لأبو ذر، وإن أمين هذه الأمة لأبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن العباس ".حدثنا أحمد بن محمد بن ميمون بن إبراهيم بن كوثر، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن الأخيل، ثنا مبشر بن إسماعيل، عن الكوثر بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. فالجواب: أن هذا الحديث باطل من هذا الوجه، والحمل فيه على كوثر بن حكيم، وقد ضعفوه وتركوه. قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل، عن أبيه: كوثر ليس بشيء، أحاديثه بواطيل، وقال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عن كوثر، فقال: ليس هو من عيالنا، قال: كان أبو نعيم إذا لم يرو عن إنسان، قال: ليس هو من عيالنا متروك الحديث. وروى غير واحد عن يحيى بن معين، أنه قال: كوثر بن حكيم ليس بشيء، وقال البخاري: كان أحمد لا يرى الكتابة عنه، وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال الجوزجاني: لا يحل كتابة حديثه عندي لأنه متروك، وقال البخاري، والدارقطني: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات. وقال أبو أحمد بن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ (17) -[109] فإن قيل: فقد روى من وجه آخر عن ابن عمر، قال أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا محمد بن يحيى الزماني، ثنا محمد بن الحارث الحارثي، ثنا محمد بن عبد الرحمن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في الإسلام عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".فالجواب أن هذا الطريق مثل الذي قبله في الضعف أو أضعف من الذي قبله، فإن فيه رجلين اتفق الأئمة على ضعفهما، وهما الحارثي وابن البيلماني، فأما الحارثي فقال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال القلانسي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا، وأما محمد بن عبد الرحمن البيلماني، فقال الإمام يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال البخاري، والنسائي، وغيرهما: منكر الحديث، وقال ابن عدي: الضعيف على حديثه بين، وقال ابن حبان: روى عنه أهل البصرة، كان ممن أخرجت له الأرض أفلاذ كبدها، حدث عن أبيه بنسخة شبيها بمائتي حديث كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره في الكتب إلا على جهة التعجب (18) -[110] فإن قيل: فقد روى من حديث أبي محجن الثقفي أيضا، قال أبو عمر ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب: وفيما رواه شيخنا عيسى بن سعيد بن سعدان المقرئ، ثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، ثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وأخبرنا به أبو عثمان سعيد بن عثمان، أنا أحمد بن دحيم، ثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا محمد بن عبيد بن ثعلبة العامري، بالكوفة، ثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى الحماني، ثنا أبو سعد الأعور، يعني البقال وكان مولى لحذيفة، قال: ثنا شيخ من الصحابة ، فقال له أبو محجن أو محجن بن فلان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواها في أمر الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأقضاها علي، وأقرؤها أبي، وأفرضها زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه أبو عبيدة بن الجراح ".فالجواب أن هذا الإسناد أيضا ضعيف لا يجوز الاحتجاج بمثله، وأبو محجن غير معروف بالرواية، وأبو سعيد البقال اسمه سعيد بن المرزبان، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة، وتكلموا فيه بعبارات مختلفة، قال إسماعيل بن عبد الله سمويه، عن عمر بن حفص بن غياث: ترك أبي حديث أبي سعد البقال، وقال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل، عن أبيه: ما رأيت سفيان بن عيينة أملى علينا إلا حديثا واحدا حديث أبي سعد البقال، قيل له: لم قال بضعف أبي سعد عنده، وقال عباس الدوري، وأحمد بن سعد بن أبي مريم، عن يحيى بن معين: ليس بشيء، زاد ابن أبي مريم لا يكتب حديثه، وقال أبو داود عن يحيى: ليس بشيء وكان أعور، وكان من قراء الناس، وقال عمر، وابن علي القلانسي: ضعيف الحديث متروك الحديث، وقال أبو زرعة: لين الحديث مدلس، قيل: هو صدوق، قال: نعم، كان لا يكذب، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه، وقال أبو حاتم بن حبان: كان كثير الوهم، فاحش الخطإ، ضعفه يحيى بن معين، وقال أبو أحمد بن عدي: حدث عنه شعبة، والثوري، وابن عيينة، وغيرهم من ثقات الناس، وله من الحديث شيء صالح، وهو في جملة ضعفاء الكوفة، الذين يجمع حديثهم ولا يترك، وكان قاسم المطرز قد جمع حديثه يمليه علينا (19) -[12] وقال محمد بن سهل بن طرخان ثنا البيكندي، عن عبد الله بن المبارك، قلت لشريك: أتعرف أبا سعد البقال؟ قال: أي والله أنا أعرفه عالي الإسناد أنا حدثته، عن عبد الكريم الجزري، عن زياد بن أبي مريم ، عن عبد الله بن معقل، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الندم توبة ".فتركني، وترك عبد الكريم وزيادا، وحدث عن عبد الله بن معقل، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو حاتم بن حبان: حدثنا محمد بن عبد الرحمن، ثنا ابن قهزاذ، سمعت أبا إسحاق الطالقاني، يقول: سألت عبد الله بن المبارك، عن أبي سعد البقال، فقال: كان قريب الإسناد، قال أبو حاتم: يريد ابن المبارك بقوله: كان قريب الإسناد أي: إنا كتبنا عنه نعرف إسناده، ولولا ذاك لم يكتب عنه شيئا، والصحيح عن وكيع عدم توثيقه له، فإنه لما سئل عنه وثق شيخه أبا وائل، وسكت عنه، بل ظاهر كلامه أنه ضعفه، وفي الجملة إسناد هذا الحديث شاذ غريب، لا يحتج به أحد من أئمة الحديث، وأئمة الفقهاء، والله أعلم (20) -[112] فإن قيل: فقد روي هذا الحديث من وجه آخر من حديث شداد بن أوس بزيادة بعض وبعض بعض، قال الحافظ أبو الفتح أحمد بن محمد بن أبي الدوري في بعض أماليه: حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، أنا أحمد بن الحسن الفقيه، ثنا الحارث بن محمد، ثنا عبد الرحيم بن واقد، ثنا بشير بن زاذان القرشي، ثنا عمر بن صبح، عن بعض أصحابه، قال عبد الرحيم: قال لي رجل من أهل العلم: سمعت من بشير بن زاذان، عن رجل، عن مكحول، عن شداد بن أوس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أبو بكر أرأف أمتي وأرحمها، وعمر بن الخطاب خير أمتي وأعدلها، عثمان بن عفان أحيا أمتي وأكرمها، وعلي بن أبي طالب ألب أمتي وأشجعها، وعبد الله بن مسعود أبر أمتي وآمنها، وأبو ذر أزهد أمتي وأصدقها، وأبو الدرداء أعبد أمتي وأتقاها، ومعاوية بن أبي سفيان أحكم أمتي وأجودها ".فالجواب: أن هذا الحديث موضوع، وإسناده ساقط لا يحتج بمثله من عقل شيئا من علم الحديث، فإنه مشتمل على كذاب، وضعيفين، وغير معروف وفيه انقطاع، فأما الكذاب معمر بن صبح، قال البخاري: حدثني يحيى، عن علي بن حدير، قال: سمعت عمر بن صبح يقول: أنا وضعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم وقال أبو حاتم الرازي: هو منكر الحديث، وقال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث على الثقات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب لأهل الصناعة فقط، وقال أبو أحمد بن عدي: منكر الحديث، وقال الدارقطني: متروك، وقال الأزدي: كذاب دامر، وأما الضعيف الأول فبشير بن زاذان، قال العباس الدوري، عن يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن عدي: أحاديثه ليس عليها نور، وهو غير ثقة ضعيف، ويحدث عن ضعفاء جماعة، وهو بين الضعف، وأحاديثه عامتها عن الضعفاء، وأما الضعيف الآخر فعبد الرحيم بن واقد، ضعفه الحافظ أبو بكر الخطيب، وأما الانقطاع والجهالة فيه فظاهرة (21) -[113] فإن قيل: فقد روي بعض الحديث من وجه آخر، قال يزيد بن هارون، ثنا مسلم بن عبيد، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " علي أقضى أمتي، وأبي أقرؤهم، وأبو عبيدة أمينهم ".ذكره الحلواني، عن يزيد بن هارون، وهو إسناد صحيح عن الحسن، ومسلم بن عبيد كنيته أبو نصيرة، وقد وثقه الإمام أحمد بن حنبل وغيره، فالجواب أنه حديث مرسل، ومراسيل الحسن قد عرف الكلام فيها، وأنها من أضعف المراسيل، والثابت عن عمر رضي الله عنه من غير وجه أنه قال: علي أقضانا، وأبي أقرؤنا (22) -[114] قال أحمد، ثنا وكيع، سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال عمر: " علي أقضانا، وأبي أقرؤنا "
والأقرب في هذه الأحاديث كلها حديث أنس، والأظهر أنه مرسل، وباقي الأحاديث في أسانيدها مقال، وبعض ألفاظ الحديث صحيح، ثابت، متصل لا شك فيه كذكر أبي عبيدة، وبعضها ضعيف قطعا، وبعضها مشكوك فيه، ومحتمل، وفيه ارتياب. والله الموفق للصواب. والحمد لله وحده، وصلواته على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
صفحه ۲۲