وذكر بعض أهل مصر أن معاوية لما كبر كان لا يدفأ، فأجمعوا أنه لا يدفئه إلا أكسية تعمل في مصر، من صوفها المرعز العسلي غير مصبوغ، فعمل له منها عدد، فما احتاج منها إلا إلى واحد.
ولهم طراز البهنسا من الستور والمضارب ما يفرقون به طراز أهل الدنيا.
ولهم النتاح العجيب من الخيل والبغال والحمير ما يفوق نتاج أهل الدنيا، وليس في الدنيا فرس في نهاية الصورة في العنق غير الفرس المصري، وليس في الدنيا فرس لا يردف غير المصري، وسبب ذلك قصر ساقية وبلاغة صدره وقصر ظهره، وذكر أن الوليد عزم على أن يجري الخيل ويمتحن خيل البلدان، فكتب إلى سائر الأمصار أن يتخير له خيل كل بلد، ويتوجه به إليه، فلما اجتمعت عرضت عليه، فمرت به المصرية، فلما رآها دقيقة العصب، لينة المفاصل والأعطاف، قال: هذه خيل ما عندها طائل، فقال له عمر بن عبد العزيز وهو جالس معه: وأين الخير كله إلا لهذه وعندها! فقال له: ما تترك تعصبك يا أبا حفص لمصر على كل حال، فلما أجريت الخيل جاءت المصرية كلها سابقة ما خالطها غيرها.
ولهم معدن الذهب، يفوق معدنهم كل معدن.
صفحه ۴۹