أبنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ:
٦٤ - حَدَّثَنِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ، حَدَّثَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ: " أَنَّهُ أَتَى الْحَجَّاجَ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَهُ الْبَوَّابُونَ، فَرَدُّوهُ فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى جَاءَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ فَاسْتَأْذَنَ لَهُ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ، فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ ⦗١١٢⦘ السَّلَامَ، ثُمَّ مَشَى فَقَبَّلَ رَأْسَهُ، فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ رَجُلَيْنِ مِمَّا يَلِي السَّرِيرَ أَنْ يُوسِعَا لَهُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: لِلَّهِ أَبُوكَ، هَلْ تَعْلَمُ حَدِيثًا حَدَّثَهُ أَبُوكَ عَبْدَ الْمَلِكِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ جَدِّكَ؟ فَقَالَ: أَيُّ حَدِيثٍ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: حَدِيثُ عُثْمَانَ إِذْ حَصَرُوهُ أَهْلُ مِصْرَ، فَقَالَ: نَعَمْ، قَدْ عَلِمْتُ، قَالَ: نَعَمْ، قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ. فَقَالَ: أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ يُفَرِّجُ النَّاسَ لَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ، فَوَجَدَ عُثْمَانَ ﵁ وَحْدَهُ فِي الدَّارِ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، قَدْ عَزَمَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَخْرُجُوا عَنْهُ فَخَرَجُوا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: مَا جَاءَ بِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ؟ قَالَ: جِئْتُ لِأَبِيتَ مَعَكَ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ ⦗١١٣⦘ ﷿ لَكَ أَوْ أُسْتَشْهَدَ مَعَكَ، فَإِنِّي أَرَى هَؤُلَاءِ إِلَّا قَاتِلُوكَ، فَإِنْ يَقْتُلُوكَ فَخَيْرًا لَكَ وَشَرًّا لَهُمْ. قَالَ عُثْمَانُ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ لَمَا خَرَجْتَ إِلَيْهِمْ خَيْرٌ يَسُوقُ اللَّهُ بِكَ، أَوْ شَرٌّ يَدْفَعُهُ اللَّهُ بِكَ. فَسَمِعَ وَأَطَاعَ، فَخَرَجَ إِلَى الْقَوْمِ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَظَّمُوهُ، وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ بِبَعْضِ الَّذِي يَسُرُّهُمْ، فَقَامَ خَطِيبًا فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ ﷿ بَعَثَ مُحَمَّدًا ﷺ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، يُبَشِّرُ بِالْجَنَّةِ وَيُنْذِرُ بِالنَّارِ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ اخْتَارَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ لَهُ الْمَسَاكِنَ فَجَعَلَ مَسْكَنَهُ الْمَدِينَةَ، فَجَعَلَهَا دَارَ الْهِجْرَةِ وَالْإِيمَانِ، وَجَعَلَهَا قَبْرَهُ وَقَبْرَ أَزْوَاجِهِ. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا هُدَىً وَرَحْمَةً، فَمَنْ يَهْتَدِي مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي بِهَدْيِ اللَّهِ ﷿ وَمَنْ يَضِلَّ مِنْهُمْ فَإِنَّمَا يَضِلُّ بَعْدَ السُّنَّةِ وَالْحُجَّةِ، فَبَلَّغَ مُحَمَّدٌ ﷺ الَّذِي أُرْسِلَ بِهِ، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ ﷿ إِلَيْهِ ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ إِذَا قُتِلَ النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ كَانَتْ دِيَتُهُ سَبْعِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ، وَإِذَا قُتِلَ الْخَلِيفَةُ كَانَتْ دِيَتُهُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ، فَلَا تَعْجَلُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، ⦗١١٤⦘ بِقَتْلٍ الْيَوْمَ، فَإِنَّى أُقْسِمُ بِاللَّهِ، لَقَدْ حَضَرَ أَجَلُهُ نَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﷿، ثُمَّ أُقْسِمَ لَكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَقْتُلُهُ رَجُلٌ مِنْكُمْ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ ﷿ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُشَلًّا يَدُهُ مَقْطُوعَةٌ، ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ حَقٌّ إِلَّا لِهَذَا الشَّيْخِ عَلَيْكُمْ مِثْلُهُ، وَقَدْ أَقْسَمَ لَكُمْ بِاللَّهِ، مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ مُنْذُ دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى الْيَوْمِ، مَا زَالَ سَيْفُ اللَّهِ ﷿ مَغْمُودًا عَنْكُمْ مُنْذُ دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَلَا تَسُلُّوا سَيْفَ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ غُمِدَ عَنْكُمْ، وَلَا تَطْرُدُوا جِيرَانَكُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ. فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ قَامُوا يَسُبُّونَهُ وَيَقُولُونَ: كَذَبَ الْيَهُودِيُّ. فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ: كَذَبْتُمْ وَاللَّهِ وَأَثِمْتُمْ، مَا أَنَا بِيَهُودِيٍّ، إِنِّي لَأَحَدُ الْمُؤْمِنِينَ لِيَعْلَمَ ذَلِكَ اللَّهُ ﷿ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَلَقَدْ أَنْزَلَ فِيَّ قُرْآنًا، فَقَالَ فِي آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ، وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ﴾ [الأحقاف: ١٠] وَأَنْزَلَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣] فَانْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ وَدَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ فَذَبَحُوهُ كَمَا تُذْبَحُ ⦗١١٥⦘ الْحُمْلَانُ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حِينَ فَرَغُوا مِنْهُ، وَقَتَلَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا أَهْلَ مِصْرَ، يَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ، أَقَتَلْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَزَالُ بَعْدَهُ عَهْدٌ مَنْكُوثٌ، وَدَمٌ مَسْفُوحٌ وَمَالٌ مَقْسُومٌ أَبَدًا مَا تُقُسِّمُ. وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ الْكِنْدِيُّ لَعَلَّهَ قُتِلَ فِيهَا مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا كَثِيرُ، إِنِّي مَقْتُولٌ غَدًا، قَالَ لَهُ كَثِيرٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ يُعْلِي اللَّهُ ﷿ كَعْبَكَ بِهِ، وَيَكْبِتُ عَدُوَّكَ، فَقَالَ لَهُ الثَّانِيَةَ: إِنِّي مَقْتُولٌ غَدًا، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ يُعْلِي اللهُ كَعْبَكَ وَيَكْبِتَ عَدُوَّكَ، فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ أَيْضًا، فَقَالَ لَهُ كَثِيرٌ: عَمَّنْ تَقُولُ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَتَانِي أَوَّلَ اللَّيْلِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رِضَى اللَّهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ، إِنَّكَ مَقْتُولٌ غَدًا» فَأَنَا وَاللَّهِ يَا كَثِيرُ بْنَ الصَّلْتِ مَقْتُولٌ غَدًا. فَقُتِلَ ﵀ "
1 / 111