أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، قَالَ:
٥٤ - ثنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: ثنا بَشَّارُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " كَانُوا لَا يَفْقِدُونَ الْخَيْلَ الْبُلْقَ فِي الْمَغَازِي حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ ﵁، فَلَمَّا قُتِلَ فُقِدَتْ فَلَمْ يُرَ مِنْهَا شَيئًا. قَالَ: فَكَانُوا يَرَوْنَهَا الْمَلَائِكَةَ. قَالَ: وَكَانُوا لَا يَخْتَلِفُونَ فِي الْأَهِلَّةِ حَتَّى قُتِلَ عُثْمَانُ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ لُبِّسَتْ عَلَيْهِمْ، قَالَ: وَكَانَتِ الصَّدَقَةُ تُدْفَعُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَمَنْ أَمَرَ بِهِ، وَإِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَمَنْ أَمَرَ بِهِ، وَإِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَمَنْ أَمَرَ بِهِ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ اخْتَلَفُوا، فَرَأَى قَوْمٌ يَقْسِمُونَهَا بِرَأْيِهِمْ، وَرَأَى قَوْمٌ يَدْفَعُونَهَا إِلَى السُّلْطَانِ "
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَسَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ يَقُولُ: " لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ [الزمر: ٣١] قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ: مَا خُصُومَتُنَا هَذِهِ؟ وَإِنَّمَا نَحْنُ إِخْوَانٌ فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ قَالُوا: هَذِهِ هَذِهِ "
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ٥٥ - ثنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ أَبُو عَمْرٍو الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: قَالَ أَبِي: ثنا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي ⦗١٠١⦘ سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعَ عُثْمَانُ أَنَّ وَفْدَ أَهْلِ مِصْرَ قَدْ أَقْبَلُوا، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُمْ، قَالَ: وَكَانَ فِي قَرْيَةٍ لَهُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ، أَوْ كَمَا قَالَ: فَلَمَّا سَمِعُوا بِهِ أَقْبَلُوا نَحْوَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، أُرَاهُ قَالَ: وَكَرِهَ أَنْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ أَوْ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: ادْعُ لَنَا بِالْمُصْحَفِ، فَدَعَا بِالْمُصْحَفِ، فَقَالُوا لَهُ: افْتَحِ التَّاسِعَةَ، قَالَ: وَكَانُوا يُسَمُّونَ سُورَةَ يُونُسَ التَّاسِعَةَ، قَالَ: فَقَرَأَهَا حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٥٩] قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: قِفْ قَالَ: قَالُوا لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا حَمَيْتَ مِنَ الْحِمَى، آللَّهِ أَحَقٌّ لَكَ، أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرِي قَالَ: فَقَالَ: امْضِهْ، نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَأَمَّا الْحِمَى فَإِنَّ عُمَرَ حَمَى الْحِمَى قَبْلِي لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَزِدْتُ فِي الْحِمَى لِمَا زَادَ مِنَ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، امْضِهْ. قَالَ: فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَهُ بِالْآيَةِ فَيَقُولُ: امْضِهْ، وَنَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا. قَالَ: وَالَّذِي يَلِي كَلَامَ عُثْمَانَ يَوْمَئِذٍ فِي سِنِّكَ، قَالَ: يَقُولُ أَبُو ⦗١٠٢⦘ نَضْرَةَ: يَقُولُ ذَاكَ لِي أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: وَأَنَا فِي سِنِّكَ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: وَلَمْ يَخْرُجْ وَجْهِي يَوْمَئِذٍ، لَا أَدْرِي لَعَلَّهُ قَدْ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، قَالَ: وَأَخَذَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُفَارِقُوا جَمَاعَةً مَا أَقَامَ لَهُمْ شُرُوطَهُمْ أَوْ كَمَا أَخَذُوا عَلَيْهِ قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ: وَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَطَاءً، فَإِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا الشُّيُوخِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ، قَالَ: فَرَضُوا وَأَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ رَاضِينَ، قَالَ: فَقَامَ فَخَطَبَ، قَالَ: «أَلَا إِنَّ مَنْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ فَلْيَلْحَقْ بِزَرْعِهِ، وَمَنْ كَانَ لَهُ ضَرْعٌ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، أَلَا إِنَّهُ لَا مَالَ لَكُمْ عِنْدَنَا، إِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ، وَلِهَذِهِ الشُّيُوخِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ» . قَالَ: فَغَضِبَ النَّاسُ وَقَالُوا: مَكْرُ بَنِي أُمَيَّةَ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ الْوَفْدُ الْمِصْرِيُّونَ رَاضِينَ، فَبَيْنَا هُمْ فِي الطَّرِيقِ، إِذَا هُمْ بِرَاكِبٍ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ، ثُمَّ يُفَارِقُهُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ ثُمَّ يُفَارِقُهُمْ، وَيَسُبُّهُمْ قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: مَالَكَ؟ إِنَّ لَكَ لَأَمْرًا، مَا شَأْنُكَ قَالَ: أَنَا رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَامِلِهِ بِمِصْرَ قَالَ: فَفَتَّشُوهُ، فَإِذَا هُمْ بِالْكِتَابِ عَلَى لِسَانِ عُثْمَانَ ﵁، وَخَاتَمِهِ إِلَى عَامِلِ مِصْرَ أَنْ يَصْلُبَهُمْ، أَوْ يَقْتُلَهُمْ، أَوْ يُقَطِّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، قَالَ: فَأَقْبَلُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، قَالَ: فَأَتَوْا عَلِيًّا ﵁، فَقَالُوا: أَلَمْ تَرَ أَنَّهُ كَتَبَ فِينَا بِكَذَا وَكَذَا؟ فَمُرَّ مَعَنَا إِلَيْهِ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقُومُ مَعَكُمْ، قَالُوا: فَلَمْ كَتَبْتَ ⦗١٠٣⦘ إِلَيْنَا، قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ كِتَابًا قَطُّ، قَالَ: فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلِهَذَا نُقَاتِلُ أَوْ لِهَذَا تَفْزَعُونَ، وَانْطَلَقَ عَلِيٌّ فَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى قَرْيَةٍ، وَانْطَلَقُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ ﵁، فَقَالُوا: كَتَبْتَ فِينَا بِكَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: " إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ: أَنْ تُقِيمُوا عَلَيَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يَمِينِي بِالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا كَتَبْتُ، وَلَا أَمْلَيْتُ، وَلَا عَلِمْتُ. قَالَ: فَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْكِتَابَ يُكْتَبُ عَلَى لِسَانِ الرَّجُلِ، وَقَدْ يُنْقَشُ الْخَاتَمُ عَلَى الْخَاتَمِ، قَالَ: حَصَرُوهُ فِي الْقَصْرِ، قَالَ: وَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: فَمَا أَسْمَعُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ رَدَّ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَرُدَّ رَجُلٌ فِي نَفْسِهِ، قَالَ: فَقَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَنِّي اشْتَرَيْتُ رُومَةَ مِنْ مَالِي يُسْتَعْذَبُ بِهَا، قَالَ: فَجَعَلْتُ رِشَائِي فِيهَا كَرِشَاءِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: فَعَلَامَ تَمْنَعُونِي أَنْ أَشْرَبَ مِنْهَا حَتَّى أُفْطِرَ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ؟ قَالَ: وأَنْشَدْتُّكُمُ اللَّهَ، هَلْ عَلِمْتُمْ أَنِّي اشْتَرَيْتُ كَذَا مِنَ الْأَرْضِ فَزِدْتُهُ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ مُنِعَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ قَبْلِي؟ قَالَ: وَأَنْشَدْتُكُمُ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتُمْ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ شَيْئًا فِي شَأْنِهِ وَبِدَارِي كِتَابُهُ الْمُفَصَّلُ؟ قَالَ: فَفَشَا النَّهْيُ، قَالَ: فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: مَهْلًا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، مَهْلًا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَفَشَا النَّهْيُ قَالَ: فَقَامَ الْأَشْتَرُ، قَالَ: فَلَا أَدْرِي ⦗١٠٤⦘ أَيَوْمَئِذٍ أَوْ يَوْمَ آخَرَ، قَالَ: فَلَعَلَّهُ قَدْ مَكَرَ بِي وَبِكُمْ، قَالَ: فَوَطِئَهُ النَّاسُ حَتَّى أُلْقِيَ كَذَا وَكَذَا قَالَ: ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى فَوَعَظَهُمْ وَذَكَرَهُمْ، فَلَمْ يَأْخُذْ فِيهِمْ بِالْمَوْعِظَةِ، قَالَ: وَكَانَ النَّاسُ تَأْخُذُ فِيهِمُ الْمَوْعِظَةُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُونَهَا، فَإِذَا أُعِيدَتْ عَلَيْهِمْ لَمْ تَأْخُذْ فِيهِمْ أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: وَرَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ» قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ فَتَحَ الْبَابَ، وَوَضَعَ الْمُصْحَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَزَعَمَ الْحَسَنُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ قَالَ: فَقَالَ عُثْمَانُ: لَقَدْ أَخَذْتَ مِنِّي مَأْخَذًا، أَوْ قَعَدْتَ مِنِّي مَقْعَدًا مَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ لِيَقْعُدَهُ أَوْ لِيَأْخُذَهُ قَالَ: فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ. قَالَ: وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: " وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ ﷿، قَالَ: فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ، قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ ﷿، قَالَ: وَالْمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَهَوَى إِلَيْهِ بِالسَّيْفِ، فَاتَّقَاهُ بِيَدِهِ فَقَطَعَهَا، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَبَانَهَا أَمْ قَطَعَهَا، أَوْ لَمْ يُبِنْهَا، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَوَّلُ كَفٍّ قَدْ خَطَّتِ الْمُفَصَّلَ، قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْمَوْتُ الْأَسْوَدُ. قَالَ: فَخَنَقَهُ وَخَنَقَهُ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ بِالسَّيْفِ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَدْ أَهْوَى إِلَيْهِ مِنْ خَلْفِهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ خَنَقْتُهُ حَتَّى رَأَيْتُ نَفْسَهُ مِثْلَ الْجَانِّ يَتَرَدَّدُ ⦗١٠٥⦘ فِي جَسَدِهِ " قَالَ: وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: " فَدَخَلَ عَلَيْهِ التُّجِيبِيُّ فَأَشْعَرَهُ مِشْقَصًا، قَالَ: فَانْتَضَحَ الدَّمُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٣٧] قَالَ: هِيَ فِي الْمُصْحَفِ مَا حُكَّتْ. قَالَ: " فَأَخَذَتِ ابْنَةُ الْفُرَافِصَةِ، حَتَّى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، حُلِيَّهَا وَوَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ، قَالَ: فَلَمَّا أُشْعِرَ أَوْ قُتِلَ تَهَاجَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ، قَاتَلَهُا اللَّهُ: مَا أَعْظَمَ عَجِيزَتَهَا، قَالَتْ: فَعَرَفْتُ أَنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ لَمْ يُرِيدُوا إِلَّا الدُّنْيَا "
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَسَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ يَقُولُ: " لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ [الزمر: ٣١] قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ: مَا خُصُومَتُنَا هَذِهِ؟ وَإِنَّمَا نَحْنُ إِخْوَانٌ فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ قَالُوا: هَذِهِ هَذِهِ "
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: ٥٥ - ثنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ أَبُو عَمْرٍو الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثنا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: قَالَ أَبِي: ثنا أَبُو نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي ⦗١٠١⦘ سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: سَمِعَ عُثْمَانُ أَنَّ وَفْدَ أَهْلِ مِصْرَ قَدْ أَقْبَلُوا، قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُمْ، قَالَ: وَكَانَ فِي قَرْيَةٍ لَهُ خَارِجًا مِنَ الْمَدِينَةِ، أَوْ كَمَا قَالَ: فَلَمَّا سَمِعُوا بِهِ أَقْبَلُوا نَحْوَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، أُرَاهُ قَالَ: وَكَرِهَ أَنْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ أَوْ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: ادْعُ لَنَا بِالْمُصْحَفِ، فَدَعَا بِالْمُصْحَفِ، فَقَالُوا لَهُ: افْتَحِ التَّاسِعَةَ، قَالَ: وَكَانُوا يُسَمُّونَ سُورَةَ يُونُسَ التَّاسِعَةَ، قَالَ: فَقَرَأَهَا حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: ٥٩] قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: قِفْ قَالَ: قَالُوا لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا حَمَيْتَ مِنَ الْحِمَى، آللَّهِ أَحَقٌّ لَكَ، أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرِي قَالَ: فَقَالَ: امْضِهْ، نَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَأَمَّا الْحِمَى فَإِنَّ عُمَرَ حَمَى الْحِمَى قَبْلِي لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَزِدْتُ فِي الْحِمَى لِمَا زَادَ مِنَ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، امْضِهْ. قَالَ: فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَهُ بِالْآيَةِ فَيَقُولُ: امْضِهْ، وَنَزَلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا. قَالَ: وَالَّذِي يَلِي كَلَامَ عُثْمَانَ يَوْمَئِذٍ فِي سِنِّكَ، قَالَ: يَقُولُ أَبُو ⦗١٠٢⦘ نَضْرَةَ: يَقُولُ ذَاكَ لِي أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: وَأَنَا فِي سِنِّكَ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: وَلَمْ يَخْرُجْ وَجْهِي يَوْمَئِذٍ، لَا أَدْرِي لَعَلَّهُ قَدْ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى وَأَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، قَالَ: وَأَخَذَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَشُقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُفَارِقُوا جَمَاعَةً مَا أَقَامَ لَهُمْ شُرُوطَهُمْ أَوْ كَمَا أَخَذُوا عَلَيْهِ قَالَ: فَقَالَ لَهُمْ: وَمَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَطَاءً، فَإِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا الشُّيُوخِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ، قَالَ: فَرَضُوا وَأَقْبَلُوا مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ رَاضِينَ، قَالَ: فَقَامَ فَخَطَبَ، قَالَ: «أَلَا إِنَّ مَنْ كَانَ لَهُ زَرْعٌ فَلْيَلْحَقْ بِزَرْعِهِ، وَمَنْ كَانَ لَهُ ضَرْعٌ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، أَلَا إِنَّهُ لَا مَالَ لَكُمْ عِنْدَنَا، إِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لِمَنْ قَاتَلَ عَلَيْهِ، وَلِهَذِهِ الشُّيُوخِ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ» . قَالَ: فَغَضِبَ النَّاسُ وَقَالُوا: مَكْرُ بَنِي أُمَيَّةَ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعَ الْوَفْدُ الْمِصْرِيُّونَ رَاضِينَ، فَبَيْنَا هُمْ فِي الطَّرِيقِ، إِذَا هُمْ بِرَاكِبٍ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ، ثُمَّ يُفَارِقُهُمْ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ ثُمَّ يُفَارِقُهُمْ، وَيَسُبُّهُمْ قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: مَالَكَ؟ إِنَّ لَكَ لَأَمْرًا، مَا شَأْنُكَ قَالَ: أَنَا رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَامِلِهِ بِمِصْرَ قَالَ: فَفَتَّشُوهُ، فَإِذَا هُمْ بِالْكِتَابِ عَلَى لِسَانِ عُثْمَانَ ﵁، وَخَاتَمِهِ إِلَى عَامِلِ مِصْرَ أَنْ يَصْلُبَهُمْ، أَوْ يَقْتُلَهُمْ، أَوْ يُقَطِّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، قَالَ: فَأَقْبَلُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، قَالَ: فَأَتَوْا عَلِيًّا ﵁، فَقَالُوا: أَلَمْ تَرَ أَنَّهُ كَتَبَ فِينَا بِكَذَا وَكَذَا؟ فَمُرَّ مَعَنَا إِلَيْهِ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَقُومُ مَعَكُمْ، قَالُوا: فَلَمْ كَتَبْتَ ⦗١٠٣⦘ إِلَيْنَا، قَالَ: لَا وَاللَّهِ مَا كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ كِتَابًا قَطُّ، قَالَ: فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلِهَذَا نُقَاتِلُ أَوْ لِهَذَا تَفْزَعُونَ، وَانْطَلَقَ عَلِيٌّ فَخَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى قَرْيَةٍ، وَانْطَلَقُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ ﵁، فَقَالُوا: كَتَبْتَ فِينَا بِكَذَا وَكَذَا؟ فَقَالَ: " إِنَّمَا هُمَا اثْنَتَانِ: أَنْ تُقِيمُوا عَلَيَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يَمِينِي بِالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ مَا كَتَبْتُ، وَلَا أَمْلَيْتُ، وَلَا عَلِمْتُ. قَالَ: فَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الْكِتَابَ يُكْتَبُ عَلَى لِسَانِ الرَّجُلِ، وَقَدْ يُنْقَشُ الْخَاتَمُ عَلَى الْخَاتَمِ، قَالَ: حَصَرُوهُ فِي الْقَصْرِ، قَالَ: وَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: فَمَا أَسْمَعُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ رَدَّ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَرُدَّ رَجُلٌ فِي نَفْسِهِ، قَالَ: فَقَالَ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ أَنِّي اشْتَرَيْتُ رُومَةَ مِنْ مَالِي يُسْتَعْذَبُ بِهَا، قَالَ: فَجَعَلْتُ رِشَائِي فِيهَا كَرِشَاءِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: فَعَلَامَ تَمْنَعُونِي أَنْ أَشْرَبَ مِنْهَا حَتَّى أُفْطِرَ عَلَى مَاءِ الْبَحْرِ؟ قَالَ: وأَنْشَدْتُّكُمُ اللَّهَ، هَلْ عَلِمْتُمْ أَنِّي اشْتَرَيْتُ كَذَا مِنَ الْأَرْضِ فَزِدْتُهُ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ عَلِمْتُمْ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ مُنِعَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ قَبْلِي؟ قَالَ: وَأَنْشَدْتُكُمُ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتُمْ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ شَيْئًا فِي شَأْنِهِ وَبِدَارِي كِتَابُهُ الْمُفَصَّلُ؟ قَالَ: فَفَشَا النَّهْيُ، قَالَ: فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ: مَهْلًا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، مَهْلًا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: وَفَشَا النَّهْيُ قَالَ: فَقَامَ الْأَشْتَرُ، قَالَ: فَلَا أَدْرِي ⦗١٠٤⦘ أَيَوْمَئِذٍ أَوْ يَوْمَ آخَرَ، قَالَ: فَلَعَلَّهُ قَدْ مَكَرَ بِي وَبِكُمْ، قَالَ: فَوَطِئَهُ النَّاسُ حَتَّى أُلْقِيَ كَذَا وَكَذَا قَالَ: ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى فَوَعَظَهُمْ وَذَكَرَهُمْ، فَلَمْ يَأْخُذْ فِيهِمْ بِالْمَوْعِظَةِ، قَالَ: وَكَانَ النَّاسُ تَأْخُذُ فِيهِمُ الْمَوْعِظَةُ أَوَّلَ مَا يَسْمَعُونَهَا، فَإِذَا أُعِيدَتْ عَلَيْهِمْ لَمْ تَأْخُذْ فِيهِمْ أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ: وَرَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ» قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ فَتَحَ الْبَابَ، وَوَضَعَ الْمُصْحَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَزَعَمَ الْحَسَنُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ قَالَ: فَقَالَ عُثْمَانُ: لَقَدْ أَخَذْتَ مِنِّي مَأْخَذًا، أَوْ قَعَدْتَ مِنِّي مَقْعَدًا مَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ لِيَقْعُدَهُ أَوْ لِيَأْخُذَهُ قَالَ: فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ. قَالَ: وَقَالَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: " وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ ﷿، قَالَ: فَخَرَجَ وَتَرَكَهُ، قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ ﷿، قَالَ: وَالْمُصْحَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَهَوَى إِلَيْهِ بِالسَّيْفِ، فَاتَّقَاهُ بِيَدِهِ فَقَطَعَهَا، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَبَانَهَا أَمْ قَطَعَهَا، أَوْ لَمْ يُبِنْهَا، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَوَّلُ كَفٍّ قَدْ خَطَّتِ الْمُفَصَّلَ، قَالَ: وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْمَوْتُ الْأَسْوَدُ. قَالَ: فَخَنَقَهُ وَخَنَقَهُ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ بِالسَّيْفِ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا قَدْ أَهْوَى إِلَيْهِ مِنْ خَلْفِهِ، وَاللَّهِ لَقَدْ خَنَقْتُهُ حَتَّى رَأَيْتُ نَفْسَهُ مِثْلَ الْجَانِّ يَتَرَدَّدُ ⦗١٠٥⦘ فِي جَسَدِهِ " قَالَ: وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: " فَدَخَلَ عَلَيْهِ التُّجِيبِيُّ فَأَشْعَرَهُ مِشْقَصًا، قَالَ: فَانْتَضَحَ الدَّمُ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٣٧] قَالَ: هِيَ فِي الْمُصْحَفِ مَا حُكَّتْ. قَالَ: " فَأَخَذَتِ ابْنَةُ الْفُرَافِصَةِ، حَتَّى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، حُلِيَّهَا وَوَضَعَتْهُ فِي حِجْرِهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ، قَالَ: فَلَمَّا أُشْعِرَ أَوْ قُتِلَ تَهَاجَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ، قَاتَلَهُا اللَّهُ: مَا أَعْظَمَ عَجِيزَتَهَا، قَالَتْ: فَعَرَفْتُ أَنَّ أَعْدَاءَ اللَّهِ لَمْ يُرِيدُوا إِلَّا الدُّنْيَا "
1 / 100