بَابٌ فِي فَضْلِ شَهْرِ رَجَبٍ اعْلَمْ أَنَّ شَهْرَ رَجَبٍ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ الْآيَةَ
١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدْيِبُ، حَدَّثَنَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَنبَأَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: " إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ "
١ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَدْيِبُ، حَدَّثَنَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَنبَأَنَا الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: " إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ "
1 / 77
٢ - أَنبأَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي ⦗٨١⦘ قَوْلِهِ ﷿: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٦] إِلَى قَوْلِهِ: ﴿مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: ٣٦] قَالَ: لَا تَظْلِمُوا أَنْفُسَكُمْ فِي كُلِّهِنَّ، ثُمَّ اخْتَصَّ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَجَعَلَهُنَّ حُرُمًا وَعَظَّمَ حُرُمَاتِهِنَّ وَجَعَلَ الذَّنْبَ فِيهِنَّ أَعْظَمَ، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَالْأَجْرَ أَعْظَمَ قَالَ الشَّيْخُ ﵀: وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُعَظِّمُونَ هَذِهِ الْأَشْهُرَ، وَخَاصَّةً شَهْرَ رَجَبٍ فَكَانُوا لَا يُقَاتِلُونَ فِيهِنَّ
1 / 80
٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أَنبأَنَا ⦗٨٢⦘ أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ، حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ يَقُولُ: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ نَقُولُ: جَاءَ مُنَصِّلُ الْأَسِنَّةِ لَا نَدَعُ حَدِيدَةً فِي سَهْمٍ وَلَا حَدِيدَةً فِي رُمْحٍ إِلَّا انْتَزَعْنَاهَا ⦗٨٣⦘ فَأَلْقَيْنَاهَا
1 / 81
٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ بَيَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي ⦗٨٤⦘ حَازِمٍ وَذَكَرْنَا رَجَبًا فَقَالَ: كُنَّا نُسَمِّيهِ الْأَصَمَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مِنْ حُرْمَتِهِ أَوْ شِدَّةِ حُرْمَتِهِ فِي أَنْفُسِنَا قَالَ الشَّيْخُ ﵁: إِنَّمَا كَانُوا يُسَمُّونَ رَجَبًا الْأَصَمَّ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُسْمَعُ فِيهِ قَعْقَعَةُ السِّلَاحِ، وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ
٥ - وَهُوَ مَا
1 / 83
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَرَابِيسِيُّ، بِبُخَارَى، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ ⦗٨٥⦘ الْحُسَيْنِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا عِيسَى وَهُوَ الْعُنْجَارُ، عَنْ أَبْيَنَ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ غَالِبِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، ﵂، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ رَجَبَ شَهْرُ اللَّهِ وَيُدْعَى الْأَصَمَّ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ يُعَطِّلُونَ ⦗٨٦⦘ أَسْلِحَتَهُمْ وَيَضَعُونَهَا، فَكَانَ النَّاسُ يَأْمَنُونَ وَتَأْمَنُ السُّبُلُ، وَلَا يَخَافُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى يَنْقَضِيَ» قَالَ الشَّيْخُ ﵁: وَهَذَا الَّذِي يَرْوِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّوَارِيخِ، وَكَانَ كَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ يُقَاتِلُوا ثُمَّ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ وَبَقِيَتْ حُرْمَةُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فِي تَضْعِيفِ الْأُجُورِ وَالْأَوْزَارِ فِيهِنَّ، حَتَّى خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةَ بِزِيَادَةِ الْمَنْعِ فِيهِنَّ عَنِ الظُّلْمِ؛ وَلِذَلِكَ غَلَّظَ الشَّافِعِيُّ ﵁ دِيَةَ مَنْ قُتِلَ خَطَأً فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَإِذَا كَانَ الذَّنْبُ فِيهِنَّ أَعْظَمَ وِزْرًا كَانَ الْبِرُّ فِيهِنَّ أَكْثَرَ أَجْرًا، وَقَدْ رَوَى فِي الصَّوْمِ فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ هُوَ مَا
1 / 84
٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ ⦗٨٧⦘: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، عَنْ أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ مُجِيبَةَ ⦗٨٨⦘ الْبَاهِلِيَّةِ، عَنْ أَبِيهَا أَوْ عَمِّهَا أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ وَقَدْ تَغَيَّرَتْ مَلَامِحُهُ وَهَيْئَتُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: «عَرِّفْ أَنْتَ» قَالَ: أَنَا الْبَاهِلِيُّ الَّذِي جِئْتُكَ عَامَ أَوَّلَ، قَالَ: «فَمَا غَيَّرَكَ، وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ» قَالَ: مَا أَكَلْتُ طَعَامًا مُنْذُ فَارَقْتُكَ إِلَّا بِلَيْلٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «عَذَّبْتَ نَفْسَكَ» ثُمَّ قَالَ: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» قَالَ: زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ: «صُمْ يَوْمَيْنِ» قَالَ: زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» قَالَ: زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ: «صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ» فَقَالَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ فَضَمَّهَا ثُمَّ أَرْسَلَهَا ⦗٨٩⦘ قَالَ الشَّيْخُ ﵁: أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْخَبَرِ أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ أَنْ يَصُومَ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ بَعْضًا وَيَتْرُكَ بَعْضًا، وَكَذَلِكَ كَانَ يَصُومُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ هَذِهِ الْأَشْهُرِ
1 / 86
٧ - أَخْبَرَنَا السَّيِّدُ أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ ﵀، أَنبأنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَلُّوَيْهِ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، قَالَ ⦗٩٠⦘: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ صَوْمِ رَجَبٍ كَيْفَ تَرَى فِيهِ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ وَقَالَ: وَقَدْ رُوِيَ فِي فَضِيلَةِ صَوْمِ رَجَبٍ أَحَادِيثُ فِي أَسَانِيدِهَا بَعْضُ الضَّعْفِ مِنْهَا مَا
1 / 89
٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ ⦗٩١⦘ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهْرًا يُقَالُ لَهُ: رَجَبٌ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمًا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ "
1 / 90
٩ - وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَلَّانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْوَلِيدِ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْغَفُورِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَعِيدٍ ⦗٩٣⦘، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ رَجَبٍ كَانَ كَصِيَامِ سَنَةٍ، وَمَنْ صَامَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ غُلِّقَتْ عَنْهُ سَبْعَةُ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، وَمَنْ صَامَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ ﷿ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، وَمَنْ صَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا نَادَى مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ قَدْ غُفِرَ لَكَ مَا سَلَفَ فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ قَدْ بُدِّلَتْ سَيِّئَاتُكَ حَسَنَاتٍ، وَمَنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ» وَفِي رَجَبٍ حُمِلَ نُوحٌ فِي السَّفِينَةِ، فَصَامَ نُوحٌ ﵇ وَأَمَرَ مَنْ مَعَهُ أَنْ يَصُومُوا وَجَرَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ إِلَى آخِرِ ذَلِكَ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ
1 / 92
١٠ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَرَابِيسِيُّ، بِبُخَارَى، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَحْمَدَ بْنِ نُصَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُوسَى، عَنْ نُوحِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ⦗٩٥⦘، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خِيرَةُ اللَّهِ مِنَ الشُّهُورِ شَهْرُ رَجَبٍ، وَهُوَ شَهْرُ اللَّهِ ﷿، مَنْ عَظَّمَ شَهْرَ رَجَبٍ فَقَدْ عَظَّمَ أَمْرَ اللَّهِ، وَمَنْ عَظَّمَ أَمْرَ اللَّهِ أَدْخَلَهُ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَأَوْجَبَ لَهُ رِضْوَانَهُ الْأَكْبَرَ، وَشَعْبَانُ شَهْرِي فَمَنْ عَظَّمَ شَهْرَ شَعْبَانَ، فَقَدْ عَظَّمَ أَمْرِي، وَمَنْ عَظَّمَ أَمْرِي كُنْتُ لَهُ فَرَطًا وَذُخْرًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَشَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ أُمَّتِي، فَمَنْ عَظَّمَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَعَظَّمَ حُرْمَتَهُ وَلَمْ يَنْتَهِكْهُ وَصَامَ نَهَارَهُ وَقَامَ لَيْلَهُ وَحَفِظَ جَوَارِحَهُ خَرَجَ مِنْ رَمَضَانَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ يَطْلُبُهُ اللَّهُ بِهِ» هَذَا مُنْكَرٌ بِمَرَّةٍ،
١١ - وَمِنْهَا مَا
1 / 94
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ رَشِيقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرُّومِيُّ، إِمْلَاءً مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ بِالطَّابِرَانِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ⦗٩٦⦘ الْهَيَّاجِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فِي رَجَبٍ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَقَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ كَانَ كَمَنْ صَامَ مِنَ الدَّهْرِ مِائَةَ سَنَةٍ وَقَامَ مِائَةَ سَنَةٍ وَهُوَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَفِيهِ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ ⦗٩٧⦘ وَرُوِي ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ آخَرَ
1 / 95
١٢ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِبُخَارَى، حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ خَلَفٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا عِيسَى وَهُوَ الْغُنْجَارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبَانَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " فِي رَجَبٍ لَيْلَةٌ يُكْتَبُ لِلْعَامِلِ فِيهَا حَسَنَاتُ مِائَةِ سَنَةٍ وَذَلِكَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ فَمَنْ صَلَّى فِيهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَقْرَأُ فِي كُلِّ ⦗٩٨⦘ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، مِائَةَ مَرَّةٍ، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ مَا شَاءَ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، وَيُصْبِحُ صَائِمًا، فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءَهُ كُلَّهُ إِلَّا أَنْ يَدْعُوَ فِي مَعْصِيَةٍ " قَالَ الشَّيْخُ ﵁: الْإِسْنَادُ الَّذِي قَبْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمْثَلُ مِنْ هَذَا، وَقَدْ رُوِيَ فِي اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَرَجَبٌ مِنْهُنَّ حَدِيثٌ حَسَنُ الْإِسْنَادِ فِي مِثْلِ هَذَا
1 / 97
١٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى السُّلَمِيُّ ﵀ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي ⦗٩٩⦘ خَالِدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ الْعَدْلُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، يَقُولُ:، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ التَّمَّامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ فِي يَوْمٍ يُعْرَضُ فِيهِ الدِّيوَانُ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ أَعْمَى أَعْرَجُ قَدْ عَنَّى قَائِدَهُ، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَآهُ وَأَعْجَبَهُ شَأْنُهُ: مَنْ يَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ صَبْغِيٍّ فَقَدَ أَهْلَهُ بَرِيقٌ، قَالَ: وَمَا بَرِيقٌ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ ⦗١٠٠⦘: أَشَاهِدٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَأُتِيَ بِهِ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ وَشَأْنُ بَنِي صَبْغَاءَ؟ قَالَ: إِنَّ بَنِي صَبْغَاءَ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا وَإِنَّهُمْ جَاوَرُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مَالِي وَيَشْتُمُونَ عِرْضِي وَأَنَا أَشْتَهِيهِمُ، وَنَاشَدْتُهُمُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ فَأَبَوْا عَلَيَّ، فَأَمْهَلْتُهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، وَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَدْعُوكَ دُعَاءً جَاهِدًا اقْتُلْ بَنِي صَبْغَاءَ إِلَّا وَاحِدًا، ثُمَّ اضْرِبِ الرَّجُلَ فَذَرْهُ قَاعِدًا أَعْمَى إِذَا مَا قِيدَ عَنَّى الْقَائِدَ، فَلَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ حَتَّى هَلَكُوا غَيْرَ وَاحِدٍ وَهُوَ هَذَا كَمَا تَرَى قَدْ عَنَّى قَائِدَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ فِي هَذَا لَعِبَرًا وَعَجَبًا، فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ مِنَ الْقَوْمِ: أَلَّا أُحَدِّثُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَ هَذَا وَأَعْجَبَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ رِجَالًا مِنْ خُزَاعَةَ جَاوَرُوا رَجُلًا مِنْهُمْ فَقَطَعُوا رَحِمَهُ وَأَسَاءُوا مُجَاوَرَتَهُ، وَإِنَّهُ نَاشَدَهُمُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ إِلَّا أَعْفَوْهُ مِمَّا يَكْرَهُ فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَمْهَلَهُمْ حَتَّى إِذَا جَاءَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ دَعَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ:
[البحر الرجز]
اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ آمِنٍ وَخَائِفْ ... وَسَامِعًا هُتَافَ كُلِّ هَاتِفْ
إِنَّ الْخُزَاعِيَّ أَبَا تَقَاصُفْ ... لَمْ يُعْطِنِي الْحَقَّ وَلَمْ يُنَاصِفْ
⦗١٠١⦘
فَاجْمَعْ لَهُ الْأَجِنَّةَ اللَّآطِفْ ... بَنِي قِرَانٍ ثَمَّ وَالنَّوَاصِفْ
اجْمَعْهُمْ فِي جَوْفِ كُلِّ رَاجِفْ
قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ عِنْدَ قَلِيبٍ يَنْزِفُونَهَا فَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِيهَا وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فَوْقَهَا تَهَوَّرَ الْقَلِيبُ بِمَنْ كَانَ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ كَانَ فِيهَا، وَصَارَتْ قُبُورَهُمْ حَتَّى السَّاعَةِ، قَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ فِي هَذَا لَعِبْرَةً وَعَجَبًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ آخَرُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِثْلِ هَذَا وَأَعْجَبَ مِنْهُ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ وَرِثَ فَخِذَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُ، فَجَمَعَ مَالًا كَثِيرًا فَعَمَدَ إِلَى رَهْطٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو الْمُؤَمَّلِ فَجَاوَرَهُمْ لِيَمْنَعُوهُ وَلِيَرُدُّوا عَلَيْهِ مَاشِيَتَهُ، وَإِنَّهُمْ حَسَدُوهُ عَلَى مَالِهِ، وَنَفَسُوهُ مَالَهُ، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ مَالِهِ، وَيَشْتُمُونَ عِرْضَهُ، وَإِنَّهُ ⦗١٠٢⦘ نَاشَدَهُمُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ إِلَّا عَدَلُوا عَنْهُ مَا يَكْرَهُ فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ رَبَاحٌ أَوْ رِيَاحٌ، يُكَلِّمُهُمْ فِيهِ وَيَقُولُ: يَا بَنِي الْمُؤَمَّلِ، ابْنُ عَمَّتِكُمُ، اخْتَارَ مُجَاوَرَتَكُمْ عَلَى مَنْ سِوَاكُمْ فَأَحْسِنُوا مُجَاوَرَتَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَمْهَلَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ دَعَا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَزِلْ عَنِّي بَنِي الْمُؤَمَّلِ، وَارْمِ عَلَى أَقْفَائِهِمْ بِمَنْكِلٍ، بِصَخْرَةٍ أَوْ عَرْضِ جَيْشٍ جَحْفَلٍ، إِلَّا رَبَاحًا إِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ ذَاتَ يَوْمٍ نُزُولٌ إِلَى أَصْلِ جَبَلٍ انْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ لَا تَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلَّا طَحَنَتْهُ حَتَّى مَرَّتْ بِأَبْيَاتِهِمْ فَطَحَنَتْهَا طَحْنَةً وَاحِدَةً، إِلَّا رَبَاحًا الَّذِي اسْتَثْنَاهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ فِي هَذَا لَعِبْرَةً وَعَجَبًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَلَا أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَهُ وَأَعْجَبَ مِنْهُ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ جَاوَرَ قَوْمًا مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ يُقَالُ لَهُ رِيشَةُ يَعْدُو عَلَيْهِ، فَلَا يَزَالُ يَنْحَرُ بَعِيرًا مِنْ إِبِلِهِ، وَإِنَّهُ كَلَّمَ قَوْمَهُ فِيهِ، فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ خَلَعْنَاهُ فَانْظُرْ أَنْ نَقْتُلَهُ، فَلَمَّا رَآهُ لَا يَنْتَهِي أَمْهَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ دَعَا عَلَيْهِ فَقَالَ:
[البحر الرجز]
أَصَادِقٌ رِيشَةُ بِلَا ضَمْرَهْ ... أَنْ يُسَيِّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَدَرَهْ
أَمَا يَزَالُ شَارِفٌ أَوْ نَكْرَهْ ... يَطْعُنُ مِنْهَا فِي سَوَاءِ الثُّغْرَهْ
بِصَارِمٍ ذِي رَوْنَقٍ أَوْ شَفْرَهْ ... اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ بَعْدِي فَخِذَهْ
⦗١٠٣⦘
فَاجْعَلْ أَمَامَ الْعَيْنِ مِنْهُ حَذْرَهْ ... يَأْكُلُهُ حَتَّى يُرَى فِي السَّحْوَهْ
فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكَلَةً فَأَكَلَتْهُ حَتَّى مَاتَ قَبْلَ الْحَوْلِ، فَقَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ فِي هَذَا عِبْرَةً وَعَجَبًا، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ لَيَصْنَعُ هَذَا بِالنَّاسِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ لِيَنْزِعَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَلَمَّا أَتَى اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ أَخَّرَ اللَّهُ الْعُقُوبَةَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الدخان: ٤٠]، ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦] وَقَالَ: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [فاطر: ٤٥]
⦗١٠٤⦘ قَالَ الشَّيْخُ ﵁: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ عَمَّنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ دُونَ ذِكْرِ بَنِي ضَمْرَةَ وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ رِوَايَةَ ابْنِ لَهِيعَةَ وَرُوِي أَيْضًا، عَنْ نَصْرِ بْنِ أَبِي الْأَشْقَرِ، قَالَ: قَسَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَسْمًا فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ أَعْمَى فَذَكَرَهُ قَالَ الشَّيْخُ ﵁: وَرُوِي فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ دُخُولِ رَجَبٍ حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ
1 / 98
١٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّعْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا دَخَلَ رَجَبٌ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا رَمَضَانَ»
1 / 104
وَكَانَ يَقُولُ: «لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ لَيْلَةٌ غَرَّاءُ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمٌ أَزْهَرُ» تَفَرَّدَ بِهِ زَائِدَةُ بْنُ أَبِي الرُّقَادِ، عَنْ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي
1 / 105
١٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ السُّكَّرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدمليُّ بِمَكَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه ⦗١٠٧⦘ وسلم «نَهَى عَنْ صَوْمِ رَجَبٍ كُلِّهِ» فَهَكَذَا رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ عَطَاءٍ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَإِنَّمَا الرِّوَايَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ، فَحَرَّفَ الْفِعْلَ إِلَى النَّهْيِ ثُمَّ وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا ذَكَرَهُ ﵀، قال الشَّافِعِيُّ ﵀ فِي الْقَدِيمِ، وَأَكْرَهُ أَنْ يَتَّخِذَ الرَّجُلُ صَوْمَ شَهْرٍ ⦗١٠٨⦘ يُكْمِلُهُ مِنْ بَيْنِ الشُّهُورِ كَمَا يُكْمِلُ شَهْرَ رَمَضَانَ وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ الَّذِي
1 / 106
١٦ - أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدوسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، فِيمَا قَرَأَ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ﵂، قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ⦗١٠٩⦘ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَكْمَلَ شَهْرًا قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ " قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَذَلِكَ يَوْمًا مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ، وَإِنَّمَا كَرِهْتُهُ لِئَلَّا يَتَأَسَّى جَاهِلٌ فَيَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ وَإِنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ، فَتَبَيَّنَ الشَّافِعِيُّ الْكَرَاهَةَ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ فَعَلَ فَحَسَنٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ لَا يَجِبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ صَوْمٌ غَيْرُ صَوْمِ رَمَضَانَ فَارْتَفَعَ بِذَلِكَ مَعْنَى الْكَرَاهَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
1 / 108
١٧ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَامِدٍ الْمِصْرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ هُوَ الْأَصَمُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ شِبْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا قِلَابَةَ، يَقُولُ: «فِي الْجَنَّةِ قَصْرٌ لِصُوَّامِ رَجَبٍ» قَالَ الشَّيْخُ ﵁: وَأَبُو قِلَابَةَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ لَا يَقُولُ مِثْلَ هَذَا إِلَّا عَنْ بَلَاغٍ مِمَّنْ فَوْقَهُ
1 / 110
بَابٌ فِي فَضْلِ شَعْبَانَ
١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ﵀، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ ⦗١١٢⦘: سَأَلْتُ عَائِشَةَ ﵂ عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: " كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَامَ مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ إِلَّا قَلِيلًا " وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ ﵀، مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ إِلَّا قَلِيلًا
١٨ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ﵀، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ ⦗١١٢⦘: سَأَلْتُ عَائِشَةَ ﵂ عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: " كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ صَامَ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَامَ مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ إِلَّا قَلِيلًا " وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ ﵀، مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ، بَلْ كَانَ يَصُومُهُ إِلَّا قَلِيلًا
1 / 111
١٩ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، ﵂ تَقُولُ: أَحَبُّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَصُومَهُ شَعْبَانُ، ثُمَّ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ "
1 / 113