إِذْ لَا نجد فرقة ينْقض مذهبها بِنَفس الْمَذْهَب سوى هَذِه إِذْ مذهبها إبِْطَال النّظر وتغيير الالفاظ عَن موضوعاتها بِدَعْوَى الرموز وكل مَا يتَصَوَّر ان ينْطَلق بِهِ لسانهم اما نظر اَوْ نقل اما النّظر فقد ابطلوه وَأما اللَّفْظ فقد جوز ان يُرَاد بِاللَّفْظِ غير مَوْضُوعه فَلَا يبْقى لَهُم معتصم فَإِن قيل فَهَذَا يَنْقَلِب عَلَيْكُم فَأنْتم تجوزون ايضا تَأْوِيل الظَّوَاهِر كَمَا اولتم آيَة الاسْتوَاء وَخبر النُّزُول وَغَيرهمَا قُلْنَا مَا ابعد هَذَا الْقلب فَإِن لنا معيارا فِي التَّأْوِيل وَهُوَ أَن مَا دلّ نظر الْعقل وَدَلِيله على بطلَان ظَاهره علمنَا ضَرُورَة أَن المُرَاد غير ذَلِك بِشَرْط ان يكون اللَّفْظ مناسبا لَهُ بطرِيق التَّجَوُّز والاستعارة فقد دلّ الدَّلِيل على بطلَان الاسْتوَاء وَالنُّزُول فَإِن ذَلِك من صِفَات الْحَوَادِث فَحمل على الِاسْتِيلَاء وَهُوَ مُنَاسِب للغة واما الْحَشْر والنشر وَالْجنَّة وَالنَّار فَلَيْسَ فِي الْعقل دَلِيل على إِبْطَاله وَلَا مُنَاسبَة بَين الالفاظ الْوَارِدَة فِيهِ وَبَين الْمَعْنى الَّذِي اولوه عَلَيْهِ حَتَّى يُقَال انه المُرَاد بل التَّأْوِيل فِي تَكْذِيب مَحْض فَأَي مُنَاسبَة بَين قَوْله ﴿فِيهَا عين جَارِيَة فِيهَا سرر مَرْفُوعَة وأكواب مَوْضُوعَة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة﴾ وَقَوله ﴿فِي سدر مخضود وطلح منضود﴾ الى قَوْله ﴿لَا مَقْطُوعَة﴾ وَبَين مَا اعتقدوه من اتِّصَال الْجَوَاهِر الروحانية بالأمور
1 / 53