الشَّرْعِيَّة فَإِن من ارْتقى إِلَى علم الْبَاطِن انحط عَنهُ التَّكْلِيف واستراح من أعبائه وهم المرادون بقوله تَعَالَى ٨٨ ﴿وَيَضَع عَنْهُم إصرهم والأغلال الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم﴾ الْآيَة وَرُبمَا موهوا بالاستشهاد عَلَيْهِ بقَوْلهمْ إِن الْجُهَّال المنكرين للباطن هم الَّذين اريدوا بقوله تَعَالَى ﴿فَضرب بَينهم بسور لَهُ بَاب بَاطِنه فِيهِ الرَّحْمَة وَظَاهره من قبله الْعَذَاب﴾ وغرضهم الْأَقْصَى إبِْطَال الشَّرَائِع فَإِنَّهُم إِذا انتزعوا عَن العقائد مُوجب الظَّوَاهِر قدرُوا على الحكم بِدَعْوَى الْبَاطِن على حسب مَا يُوجب الإنسلاخ عَن قَوَاعِد الدّين إِذا سَقَطت الثِّقَة بِمُوجب الالفاظ الصَّرِيحَة فَلَا يبْقى للشَّرْع عِصَام يرجع إِلَيْهِ ويعول عَلَيْهِ
وَأما القرامطة فانما لقبوا بهَا نِسْبَة الى رجل يُقَال لَهُ حمدَان قرمط كَانَ اُحْدُ دعاتهم فِي الِابْتِدَاء فَاسْتَجَاب لَهُ فِي دَعوته رجال فسموا قرامطة وقرمطية وَكَانَ الْمُسَمّى حمدَان قرمط رجلا من اهل الْكُوفَة مائلا الى الزّهْد فصادفه اُحْدُ دعاة الباطنية فِي طَرِيق وَهُوَ مُتَوَجّه الى قريته وَبَين يَدَيْهِ بقر يَسُوقهَا فَقَالَ حمدَان لذَلِك الدَّاعِي وَهُوَ لَا يعرفهُ وَلَا يعرف حَاله أَرَاك سَافَرت عَن مَوضِع بعيد فَأَيْنَ مقصدك فَذكر موضعا هُوَ قَرْيَة حمدَان فَقَالَ لَهُ حمدَان اركب بقرة من هَذِه الْبَقر لتستريح عَن تَعب الْمَشْي فَلَمَّا رَآهُ مائلا الى الزّهْد والديانة اتاه من حَيْثُ رَآهُ مائلا اليه فَقَالَ اني لم اومر بذلك فَقَالَ حمدَان وكأنك لَا تعْمل الا بامر
1 / 12