ولا شك أن ما كان من هذا القبيل فلا يصح أن يختلف فيه مطلقا، لأنه مما يعرف بالحساب كما سبق، وهو مما أجرى الله به العادة فلا يحرم أبدا، فكان الإخبار عنه بمنزلة الإخبار بأن الهلال يطلع إما ليلة الثلاثين أو الليلة التي بعدها، أو أن الشمس تغرب آخر النهار وأمثال ذلك، قال تعالى: {الشمس والقمر ... بحسبان} [الرحمن: 5]، وقال تعالى: {الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} [يونس: 5]، قال الخطابي:» أما علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والخبر الذي يعرف به الزوال وتعلم به جهة القبلة فهو غير داخل فيما نهى الله عنه «.
وقال ابن رجب:» والمأذون في تعلمه علم التسيير لا علم التأثير فإنه باطل محرم قليله وكثيره، وأما علم التسيير فتعلم ما يحتاج منه للاهتداء، ومعرفة القبلة والطرق جائز عند الجمهور، وما زاد عليه لا حاجة إليه لشغله عما هو أهم منه «.
وقال ابن تيمية:» لا ريب أن النجوم نوعان: حساب وأحكام، فأما الحساب فهو معرفة أقدار الأفلاك والكواكب وصفاتها ومقادير حركاتها وما يتبع ذلك، فهذا في الأصل علم صحيح لا ريب فيه كمعرفة الأرض وصفتها نحو ذلك، ولكن جمهور التدقيق منه كثير التعب قليل الفائدة «(¬1).
صفحه ۵۱