ولا شك أن السحر أنواع عديدة: فمنه ما يحصل بمعاونة الشياطين بضرب من التقرب إليهم بما يسخط الله عز وجل، وذلك ككتابة كلام الله بالنجاسة من دم وغيره، أو يقلبون حروف كلامه عز وجل أو غير ذلك مما هو من جنس الكفر أو الشرك، هذا فضلا عن تعظيمهم والاستغاثة بهم والتذلل لهم، فإذا تقرب صاحب العزائم والأقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إليهم بما يحبونه من الكفر والشرك صار ذلك كالرشوة لهم فيقضون بعض أغراضه، كمن يعطي غيره مالا ليقتل له من يريد قتله أو يعينه على فاحشة أو ينال معه فاحشة، فربما غوروا له ماء من المياه، أو حملوه في الهواء إلى بعض الأمكنة، أو جاءوه بمال من أموال بعض الناس، كما تسرقه الشياطين من أموال بعض الخائنين ومن لم يذكر اسم الله عليه وتأتي به، أو غير ذلك.
ومنه ما هو من جنس عبادة الفلك والنجوم والكواكب، وذلك كسحر من كانوا يعبدون الكواكب السبعة المتحيرة وهي السيارة، وكانوا يعتقدون أنها مدبرة للعالم وأنها تأتي بالخير والشر فيخاطبونها ويتستنزلون روحانياتها بزعمهم، وقد يجمع بعضهم بين الأمرين: الاستعانة بالشياطين ومخاطبة الكواكب، فيكون ذلك أقوى بزعمهم.
فحقيقة السحر تعلق بغير الله استعانة ولياذا وتضرعا وتقربا وقصدا، فهو إما من جنس عبادة الشياطين أو من جنس عبادة الكواكب، وكلاهما إشراك بالله وكفر به، ولا أظن خلافا وقع في هذا القدر.
صفحه ۴۷