فالقوم يقدمون هذه الصدقة بين يدي أمر ألم بهم يريدون وساطة الولي في دفعه، وهم يخشون إن نكثوا في نذرهم أن تحل عليهم نقمة هذا الولي وسخطه.
وهذا هو نفس المعنى الذي وجد في النذور الشركية الأولى التي كانت للأصنام في أيام الجاهلية. نعم، لابد أن يؤخذ هذا التأول في الاعتبار عند إجراء الحكم على معين منهم، فتزال شبهه أولا وتقام عليه الحجة الرسالية التي يكفر معاندها، شريطة أن يقوم بذلك من تقوم بمثله الحجة، وينقطع ببلاغة العذر.
ثانيا: الذبح
الذبح شعيرة من الشعائر وعبادة من العبادات، قال تعالى: {فصل لربك وانحر} [الكوثر: 2]، فقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين هاتين العبادتين وهما الصلاة والنسك، فإنهما أجل ما يتقرب به إليه عز وجل، فالصلاة أجل العبادات البدنية، والنحر أجل العبادات المالية، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم كثير الصلاة كثير النحر، وقال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } [الأنعام: 162]، فقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير الله ويذبحون له بأنه أخلص لله صلاته ونسكه ومحياه ومماته، والنسك: الذبيحة لله تعالى ابتغاء وجهه، فقد كان المشركون يعبدون الأصنام ويذبحون لها فأمره الله تعالى بمخالفتهم، والتوجه إلى الله بأعماله كلها.
وعلى هذا فمن ذبح لغير الله فقد جعل لله شريكا في العبادة، بخلاف من ذبح لله عز وجل تصدقا عن ميت فلا خلاف على جواز ذلك إذا لم يقترن به اعتقاد فاسد، وفي الذبح صور عديدة نوجزها فيما يلي:
-
صفحه ۴۲