إن في القول بأن التفاعل الكيميائي هو الذي جاء بالإنسان مسخا للإنسانية كلها، ذلك أن التفاعل الكيميائي محدود الزمن والنتائج، فمعنى ذلك أن يصبح قيام الإنسان وقعوده وضحكه وبكاؤه ورضاه وغضبه أعمالا ميكانيكية بحتة، تبدأ عند وجود التفاعل الكيميائي اللازم لوجودها وتنتهي بانتهائه، ويقف الإنسان جنبا إلى جنب مع بقية الآلات الميكانيكية التي تتحرك بالأزرار، وتتوقف بالأزرار. بلا عقل ولا إرادة ولا اختيار.
بل ولا معنى إذن لأن يثاب الإنسان على خير، أو يعاقب على شر، لأن الأمر ليس إلا تفاعلات كيميائية أوجدت ما عمل من خير أو من شر.
أما القول بأن ذلك كله قد حدث صدفة فهو من أبين الباطل وأمحل المحال، ذلك أن الصدفة تتنافى مع مبدأ الإحكام والتقدير والتدبير الذي يشهد به كل شيء في هذا الوجود من الذرة إلى المجرة، بل يشهد به واقع القوم أنفسهم، فلو قيل لهم إن كل ما تطلقونه من الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية قد حدث صدفة نتيجة لبعض التفاعلات الكيميائية بين بعض المواد الخام الموجودة بالصدفة في بلادكم من غير تقدير منكم ولا تدبير، فهو لا يشهد لكم بتقدم علمي أو حضاري لفغروا أفواههم دهشة وعجبا، وأوشكوا أن يفتكوا بمن يقول لهم ذلك.
فيا عجبا للإنسان عندما تتخطفه الشياطين! لا يقر للصدفة بخلق مركبة فضائية وتوجيهها إلى الفضاء، ويقر لها بخلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة!.
صفحه ۱۵