شرح كتاب الباعث الحثيث
شرح كتاب الباعث الحثيث
ژانرها
المرسل المتصل
النوع الثاني: نوع من الإرسال متصل، لكن كيف يكون مرسلًا ومتصلًا في الوقت نفسه؟ الصحابة كلهم عدول، فإذا سمع صحابي النبي ﷺ ثم بعد موت النبي ﵊ ارتد ذلك الصحابي، ثم رجع إلى الإسلام مرة ثانية، ففي حال ردته هو كافر، لا يجوز حمل حديثه، ولما رجع مرة ثانية إلى الإسلام قال العلماء: إن هذا يسمى تابعيًا؛ لأنهم لما وضعوا حدًا لتعريف الصحابي قالوا: الصحابي هو من لقي النبي ﷺ مؤمنًا به ومات على ذلك، أي: لم تتخلل فترة إيمانه بالنبي ﵊ ردة، أما من ارتد فليس له صحبة، ولا ينال شرف الصحبة؛ تأديبًا له على ردته، فذلك الصحابي الذي صحب النبي ﷺ وسمع منه الحديث نزل من رتبة الصحبة إلى رتبة التابعين؛ تأديبًا له.
أما الحديث الذي رواه فله حكم الاتصال، وهو حديث موصول، ولكنه في التعريف والحد حديث مرسل، لكنه من باب المرسل الموصول؛ هذه صورة.
الصورة الثانية: رجل لم يؤمن بالنبي ﵊ في حياة النبي ﷺ، ولكنه كان يجالسه ويسمع منه الحديث، كمشركي مكة ويهود المدينة وغيرهم، فهؤلاء لما سمعوا من النبي ﷺ أحاديث كثيرة وآمنوا بعد موت النبي ﵊ لا يحكم لهم بالصحبة، ويسمون مخضرمين، أدركوا العهدين: أدركوا الجاهلية وأدركوا الإسلام، ففي هذه الحالة نسميهم تابعين، لكن حديثهم موصول، ونحن قلنا: إن الحديث الصحيح شرطه أن يكون الراوي مسلمًا، فكيف يصحح حديث هؤلاء؟
و
الجواب
أنه لا يشترط أن يكون الراوي عندما يتحمل حديثًا مسلمًا، ولو أدى ما سمعه حال كفره بعد إسلامه قبل، مثال ذلك: رجل مشرك سمع النبي ﷺ يتكلم بكلام، ولكنه لم يسلم إلا بعد موت النبي ﵊، ثم حدث بهذه الأحاديث التي سمعها في حال كفره، فتقبل منه وتعد موصولة وهو ليس بصحابي؛ لأن الصحابي هو من لقي النبي ﵊ -وهذا لقيه- مؤمنًا به، وهذا لم يكن مؤمنًا في حال حياة النبي ﵊، ونحن نقول في الصحابي: هو من لقي النبي ﵊ مؤمنًا به ومات على ذلك.
6 / 9