30

Explanation of the Three Fundamental Principles

شرح الأصول الثلاثة

ناشر

سلسلة منشورات مؤسسة شبكة نور الإسلام

ژانرها

والعباد لا يرون ربهم في الدنيا، وإنما يرونه يوم القيامة، كما دلت على ذلك الآيات والأحاديث، ولكن المؤمن الصادق يحسن في عبادته لربه، فيعبده كأنه يراه خائفًا راجيًا مقبلًا خاضعًا لربه متذللًا، ومن كان على هذه الحال فمعلوم أنه سيكون في غاية من الإقبال والصدق في العبادة. قال: (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) والعبد لا يرى ربه، ولكن الله يراه، فينبغي للمسلم أن يستحضر إطلاع الله عليه وشهوده له فيوجب له ذلك تحقيق العبودية، وكمال الإقبال. قال: (والدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾ [النحل:١٢٨]) اتقوا ربهم وأحسنوا في تقواهم، وهذه هي: معية الله الخاصة قيدها بالمتقين، ونظير ذلك قوله سبحانه عن نبيه ﷺ: ﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة:٤٠]، وقوله تعالى لموسى وهارون ﵉: ﴿إِنَّنِى مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه:٤٦]، وهذه المعية تقتضي: التأييد والحفظ والنصر. (وقوله: ﴿وَتَوكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِى يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِى السَّاجِدِينَ* إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الشعراء:٢١٧ - ٢٢٠]) والمعنى: اعتمد بقلبك وفوض جميع أمورك إلى من يراك وأنت قائم في عبادته، وأنت بين الساجدين ومعهم؛ فإن توكلت عليه فإنه كافيك، ﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق:٣]، وهذا ظاهر الدلالة على معنى قوله ﷺ: "فإن لم تكن تراه فإنه يراك" (١) (وقوله: ﴿وَمَا تَكُونُ فِى شَانٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِن قُرْءانٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فيه﴾ [يونس:٦١]) ﴿وَمَا تَكُونُ فِى شَانٍ﴾ أي: حال من أحوالك الدينية والدنيوية ﴿وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِن قُرْءانٍ﴾ أي:

(١) هذا طرف من حديث عمر ﵁ وسيأتي في ص ٣٤ مطولا.

1 / 33