201

Explanation of the Forty Hadiths of Al-Nawawi - Al-Abbad

شرح الأربعين النووية - العباد

ژانرها

ما يكون منه خلق الإنسان
ثم ذكر هذا الذي حدثهم به: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك) يعني: أربعين (ثم يكون مضغة مثل ذلك) يعني: أربعين، فتكون عدة هذه الأطوار الثلاثة مائة وعشرين يومًا، كل طور عدته أربعون يومًا، وقوله ﷺ: (يجمع خلقه) المقصود بالخلق هنا: ما يكون منه الخلق، وهو الماء الذي يخرج من الرجل والمرأة، فإن هذا يجمع في الرحم، ويكون الولد من هذا الماء المجموع الذي حصل من الرجل والمرأة، لكن ليس المقصود أن الإنسان يخلق من كل الماء، بل ثبت في صحيح مسلم في أحاديث العزل أنه ليس من كل المني يكون الولد، وإنما الحمل يكون من قطرة يسيرة من المني، وهذا الرسول ﷺ قاله في العزل؛ لأن الذين يعزلون حتى لا تحمل المرأة -وذلك غالبًا إنما يكون في الإماء- إنما يريدون أن يستمتعوا بهن، ولكن لا يريدون أن يحملن؛ لأنهن إذا حملن صرن أم ولد لا يتمكنون من بيعهن والتصرف في ماليتهن؛ ولهذا كانوا يعزلون خشية أن تحمل فتضيع عليه تلك المالية، فلا يتمكن من بيعها، فالرسول ﷺ أخبر بأن الله تعالى إذا قدر الولد فإنه يوجد ولو حصل العزل؛ لأنه قد تأتي قطرة تنطلق من غير إرادة الإنسان ولو حتى أخرج وأفرغ في الخارج ويكون منها الولد؛ ولهذا قال ﵊ في الحديث الذي في صحيح مسلم: (ليس من كل المني يكون الولد) يعني: أنه يكون الولد من شيء يسير من المني، وليس المقصود من ذلك أنه يكون من جميع المني، وأن الإنسان إذا أخرج وأفرغ في الخارج فإنه يكون بذلك قد عزل.
فإذًا: قوله: (يجمع في بطن أمه) يعني: ما يكون منه خلقه، والذي منه خلقه هو الماء كما قال الله ﷿: ﴿خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ﴾ [الطارق:٦] وقال: ﴿أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [المرسلات:٢٠ - ٢٢] يعني: هو من هذه النطفة، وهذه النطفة هي الماء القليل اليسير جدًا، فقد تكون في الرحم مدة أربعين يومًا وهي نطفة، ثم بعد ذلك تتحول إلى قطعة دم متجمد يسير، ثم تكون علقة، ثم بعد ذلك تتحول إلى مضغة وهي قطعة من اللحم على قدر ما يأكله الآكل، وقيل لها مضغة لأنها تكون على قدر المضغة من الطعام.
ثم إذا وصلت إلى هذه المرحلة -التي هي الطور الثالث: المضغة- تكون بعد ذلك مخلقة أو غير مخلقة كما قال الله ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ﴾ [الحج:٥] والمخلقة: هي التي حصل فيها التصوير، وغير المخلقة: هي قطعة اللحم التي لم يحصل فيها تصوير، وفي هذه الحال تخلق، ثم بعد ذلك تستمر ويكون النفخ في الروح بعد كمال الأربعين الثالثة، وقد تسقط قبل ذلك ويكون دمًا فاسدًا أو قطعة لحم ليس فيها خلق إنسان، ولا يترتب على سقوطها حكم من الأحكام التي ترتبت على سقوطها بعد نفخ الروح، فبعد أن تكمل المائة والعشرين يومًا، وينفخ فيها الروح، ثم بعد ذلك تسقط، فإن الحال يختلف عن سقوطها قبل ذلك.

11 / 3