Explanation of the Forty Hadiths of Al-Nawawi - Al-Abbad

Abd al-Muhsin al-Abbad d. Unknown
140

Explanation of the Forty Hadiths of Al-Nawawi - Al-Abbad

شرح الأربعين النووية - العباد

ژانرها

مراتب الإحسان لقد سأل جبريل ﵇ رسول الله ﷺ الأسئلة التي يريد من ورائها تعليم أصحاب رسول الله ﷺ هذه الأمور التي وصفها رسول الله ﷺ بأنها الدين، فقال في آخر الحديث: (هذا جبريك أتاكم يعلمكم دينكم). وكان السؤال الثالث الذي سأله عنه قوله: (أخبرني عن الإحسان؟) فقال ﷺ: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) فقوله: (أن تعبد الله كأنك تراه)، أي: أن تكون مقبلًا عليه بقلبك وقالبك، وأن تكون مستحضرًا عظمة الله وكأنك واقف بين يديه سبحانه. ومعلوم أن الإنسان إذا كان بهذه المنزلة والدرجة، ويدخل في العبادة بهذا الوصف وبهذه الهيئة التي يستشعر فيها أنه واقف بين يدي الله فلاشك في أنه سيحسن فيما يقوم في قلبه، وفيما يجري على لسانه، وفيما يقوم بجوارحه، بحيث تسير هذه الأمور والأحوال كلها على السداد وعلى الاستقامة؛ لأنه يعبد الله ﷿ وكأنه بين يديه ﷾، وينظر إلى الله ﷿ وكأنه بين يديه، فهو مستحضر لعظمته وجلاله. وقوله: (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) أي: فإذا كان الإنسان لا يعبد الله بهذه الطريقة والهيئة التي تجعله وكأنه واقف بين يدي الله، فيحسن عمله ويتقنه ويؤديه على التمام والكمال لأنه واقف بين يدي الله فإن عليه أن يستشعر بأن الله تعالى يراه، وأن الله مطلع عليه، وأنه لا يخفى عليه خافية، وأنه سيثيبه إن أحسن، ويعاقبه إن أساء، فذلك يكون دافعًا له إلى الخوف والرهبة من الله، وعلى البعد من الوقوع في معاصي الله تعالى. فالحالة الأولى هي الحالة التي يؤدي فيها الإنسان الأعمال على التمام والكمال وكأنه واقف بين يدي الله، فإن لم تكن فيه هذه الهيئة والصفة فإن عليه أن يستشعر أن الله مطلع عليه، وأنه لا يخفى عليه خافية، وأنه يحاسبه ويجازيه على ما يحصل منه، فتكون هاتان الجملتان الأولى منهما في مقام الترغيب، والثانية في مقام الترهيب.

8 / 4