شرح الأربعين النووية للعثيمين
شرح الأربعين النووية للعثيمين
ناشر
دار الثريا للنشر
ژانرها
واعلم أن الدعاء قد يرد القضاء، كما جاء في الحديث: لًا يَرُدُّ القَدَرَ إِلاَّ الدُّعَاءُ (١) وكم من إنسانٍ افتقر غاية الافتقار حتى كاد يهلك، فإذا دعا أجاب الله دعاءه، وكم من إنسان مرض حتى أيس من الحياة فيدعو فيستجيب الله دعاءه.
قال الله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (الانبياء: ٨٣)
فذكر حاله يريدُ أنّ اللهَ يكشفُ عنهُ الضُّرَّ، قال الله: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ) (الانبياء: الآية٨٤)
المرتبة الثالثة: المشيئة:
ومعناها: أن تؤمن بأن كل كائن وجودًا أو عدمًا فهو بمشيئة الله، كالمطر، والجفاف، ونبات الأرض، والإحياء، والإماتة، وهذا لا إشكال فيه، وهو مشيئة الله ﷿ لفعله، وكذلك ما كان من فعل المخلوق فهو أيضًا بمشيئة الله، ودليل ذلك قوله تعالى: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير: ٢٨-٢٩) وقال الله ﷿: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا) (البقرة: ٢٥٣) وأجمع المسلمون على هذه الكلمة: (ماشاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.)
ففعل العبد بمشيئة الله. ويرد إشكال وهو إذا كان فعل العبد بمشيئة الله صار الإنسان مجبرًا على العمل، لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، فيؤدي هذا الاعتقاد إلى مذهب الجبرية، وهو مذهب الجهمية.
* والجهمية: لهم ثلاث جيمات كلها فساد:
الجهم: وهذا يتعلق بالصفات، والجبر: يتعلق بالقدر، الإرجاء: يتعلق بالإيمان، ثلاث جيمات كلها لاخير فيها.
(١) -أخرجه البخاري- كتاب: القدر، باب: ما جاء لا يرد القدر إلا الدعاء، (٢١٣٩)، وابن ماجه - كتاب: المقدمة، باب: في القدر، (٩٠)، والإمام أحمد - في مسند الأنصار عن ثوبان، (٢٢٧٤٥) .
1 / 67