شرح الأربعين النووية للعثيمين
شرح الأربعين النووية للعثيمين
ناشر
دار الثريا للنشر
ژانرها
وجل وهذا الدليل الأول في الرد على منكري البعث.
الدليل الثاني: قوله تعالى: (وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) يعلم كيف يخلق ﷿ ويقدر على خلقه، فكيف تقولون إن هذا ممتنع؟ ثم قال تعالى: (الذي جعل لكم) (يس: ٨٠) أي جعل لكم أيها المنكرون ولغيركم، (مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا) (يّس: الآية٨٠) معنى الآية: أن في بلاد الحجاز شجرًا يقال له المرخ والعفار يضربونه بالزند ثم يشتعل نارًا، مع أنه أخضر ورطب وبارد أبعد ما يكون عن النار، ومع ذلك تخلق منه النار، فالقادر على أن يخلق من الشيء ضده قادر على أن يعيد الشيء نفسه، ثم قال ﷾: (فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) (يّس: الآية٨٠) وهذا إلزام لهم، وليس أمرًا غريبًا عليكم بل أنتم تستعملونه.
الدليل الثالث: من الأدلة في الرد على منكري البعث قول الله تعالى: (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) (يّس: ٨١)
فالجواب: (بَلَى) (يس: ٨١) وقد أجاب ﷾ نفسه، لأن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس (وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ) (يس: ٨١) أي ذو الخلق التام مع القدرة التامة: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس: ٨٢) من كان أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، فلا يعجزه شيء، فإن أمر موجودًا أن يعدم عدِم، أومعدومًا أن يوجد وُجِد مهما كان.
وفي قصة موسى ﵇ لما وقف على البحر العميق أمره الله تعالى أن يضرب البحر فضربه مرة واحدة فانفلق وصار اثني عشر طريقًا يبسًا في الحال، فمن يقدر على أن يمايز بين الماء؟ لا يقدر أحد إلاالله ﷿ لأنه إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون.
وبهذه المناسبة أودّ أن أنبّه علىكلمة دارجة عند العوام، حيث يقولون (يا من أمره بين الكاف والنون) وهذا غلط عظيم، والصواب: (يا من أمره بعد الكاف والنون) لأن ما بين الكاف والنون ليس أمرًا، فالأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكاف والنون لأن الكاف
1 / 63