Explanation of the Book of Tawhid by Ibn Khuzaymah - Muhammad Hassan Abdul Ghaffar
شرح كتاب التوحيد لابن خزيمة - محمد حسن عبد الغفار
ژانرها
إضافة الكلام إلى الله إضافة صفة إلى الموصوف، وإضافة الكلام إلى جبريل أو محمد إضافة بلاغ
إذا قلنا بأن القرآن هو كلام الله أضيف إليه فعندها يرد إشكال وهو: أن المضاف إلى الله أعيان ومعاني، وأيضًا المضاف للإنسان يكون أعيانًا ومعاني، فإن كان معاني فهي صفة للموصوف، فأضاف الله القرآن إلى نفسه وإلى ذاته المقدسة سبحانه جل في علاه، وأضاف القرآن إلى جبريل وأضاف القرآن إلى محمد ﷺ، أما إضافته إلى نفسه كما في قوله: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ [التوبة:٦]، وإضافته إلى جبريل في قوله جل في علاه: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير:١٩ - ٢١].
فقوله: «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ» أضاف القول للرسول، ويقصد به الرسول الملكي.
قال تعالى: ﴿ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير:٢٠ - ٢١]، المقصود: جبريل ﵇.
إذًا: أضاف القول لجبريل، فهذه إضافة صفة للموصوف.
وأيضًا قال: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ﴾ [الحاقة:٤٠ - ٤١]، وقال: ﴿وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ﴾ [الحاقة:٤٢]، فهذا إضافة إلى الرسول البشري.
إذًا: أضاف القرآن للرسول الملكي، وأضاف القرآن إلى الرسول البشري، وهذه إضافة صفة للموصوف، فكيف نجيب على ذلك؟ فقد قال طه حسين: هذا الكلام هو كلام محمد واستدل من الكتاب بقوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ﴾ [الحاقة:٤٠ - ٤١]، إذًا: أضاف القول للرسول، ونحن نفرق بين الثلاثة، فالإضافة الأولى إضافة صفة للموصوف، هو كلام الله تكلم الله به فهو صفة من صفاته، والإضافة الثانية إضافة لجبريل على أنه مبلغ، إذ المبتدئ بالكلام هو الذي يتصف بالكلام، أما الذي يبلغ فلا يتصف بأنه بدأ الكلام، فجبريل ﵇ أضيف إليه كلام الله، وأضيف إليه القرآن على أنه مبلغ، والدليل على ذلك عموم قول الله تعالى: ﴿فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ﴾ [التغابن:١٢]، فما عليه إلا أن يبلغ، فهو يسمع من الله فيبلغ، ولذلك قال: ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة:١٦ - ١٩]، فالرسول سواء الرسول الملكي أو الرسول البشري ينزل تحت هذه الآية: ﴿مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ﴾ [المائدة:٩٩]، فإذًا: الإضافة هنا لجبريل إضافة بلاغ، والإضافة إلى رسول الله ﷺ من باب أولى تكون إضافة بلاغ، قال تعالى: ﴿بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [المائدة:٦٧]، وهذا تصريح؛ لأن الإضافة هنا إضافة تبليغ وقول الله تعالى: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ [الإسراء:١٠٦]، فهذه الآية فيها دلالة على أنه يُقرِئُ الناس ما أنزله الله عليه، فالإضافة إلى الرسول إضافة تبليغ لا إضافة ابتداء كلام.
إذًا: ثبت بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة على أن القرآن هو كلام الله، فإذا أضيف إلى الله فهو إضافة صفة إلى الموصوف، وإذا أضيف إلى جبريل فهي إضافة تبليغ، وإذا أضيف إلى محمد ﷺ فهي أيضًا إضافة تبليغ.
21 / 4